الثلاثاء، 15 نوفمبر 2011

ملخص درس تفسير سورة الكهف




ملخص درس تفسير سورة الكهف للحافظ ابن كثير

الدرس الأول
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادى له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.
اللهم صلى وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه وأحبابه وأتباعه , وعلى كل من اهتدى يهديه واستن بسنته واقتفي أثره إلي يوم الدين .
أسأل الله جل وعلى أن يرزقنا العلم النافع والعمل الصالح ويعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا وان يزيدنا علما إنه سميع قريب .وأسأل الله الذي جمعنا في هذه الثانية على هذه الشبكة الصغيرة أن يجمعنا في جنة عليه قطوفها دانية.أما بعد :
أوصيكن أخواتي ونفسي بتقوى
الله وَاتَّقُوا اللَّهَ ۖ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ ۗ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ﴿282 يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴿102﴾ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا ﴿70
إن علم التفسير هو علم يُفهم به كتاب الله المنزل على نبيه محمد r والحاجة إلى دراسة هذا العلم حاجة ماسة وهو أعظم العلوم وأجلّها قاطبةً.
فقد أنزل الله القرآن الكريم ليكون منهجاً للحياة ودستوراً للمسلمين في معاشهم ومعادهم من حين أنزله الله تعالى حتى يرثُ الله الأرض وما عليها, فهو الفلاح والنجاح وهو شفاءُ لما في الصدور.
ولابد لنا من قراءة القرآن ومدارسته وتدبر معانيه والاجتماع على ذلك .
يجب علينا العمل بما جاء في القرآن الكريم وذلك بأن نحل حلاله ونحرم حرامه ونقف عند حدوده وذلك بأن يكون القرآن دستوراً لنا نطبقه في حياتنا كلها ولا يمكن ذلك إلا بمدارسته وتعلم تفسيره ومعرفة معانيه وألفاظه وأسباب نزوله ومعرفة الناسخ والمنسوخ منه.
وقد قال الحافظ ابن كثير في مقدمته :
"إن خير ما يُفسر به القرآن بالقرآن "
أي أن أفضل التفسير للقرآن يكون بالقرآن نفسه , ثم بالسنة المُطهرة " الحديث الشريف " ,فإن لم يوجد فبأقوال الصحابة والتابعين وعلماء السلف .
لأن القرآن جاء مجملاً والسنة مفصلة لما جاء به القرآن الكريم.
نعلم ان سورة الكهف جاءت بعد سورة الإسراء في الترتيب ولو لاحظنا لوجدنا بين السورتين ترابط وثيق يتمثل ذلك في:
1.
نلاحظ أن سورة الإسراء افتتحت بقوله تعالى:
سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا ۚ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ﴿1 وسورة الكهف افتتحت بقوله تعالى الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَىٰ عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجًا ۜ ﴿1
فهناك علاقة وطيدة بين التسبيح والتحميد ، لأن الله قارن الأمر التسبيح بالتحميد في نفس الوقت ، قال تعالى فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكَارِ غافر﴿55
ودائماً نقول: سبحان الله وبحمده ، ونقول: سبحان الله والحمد لله .....فهناك ترابط بينهما.
2.
سورة الإسراء اختتمت بالحمد لله قال تعالى:
وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ ۖ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيرًا ﴿111 الإسراء: ١١١
وسورة الكهف افتتحت بالحمد لله قال تعالى  تعالى
الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَىٰ عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجًا ۜ ﴿1
.اختتمت سورة الإسراء بتنزيه الله عزّ وجل عن اتخاذه ولدا قال تعالى : : وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ ۖ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيرًا ﴿111 الإسراء وافتتحت سورة الكهف بإنذار الذين اتخذوا لله ولدا قال وَيُنْذِرَ الَّذِينَ قَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا ﴿4


سورة الكهف سورة مكية جاءت لتصحح العقائد الفاسدة والمفاهيم الخاطئة واعتمدت في أسلوبها على القصص ودرب الأمثال فذكر الله تعالى فيها أربعة قصص:
1.
قصة أهل الكهف "الفتية".
2.
قصة صاحب الجنتين.
3.
قصة موسى عليه السلام والخضر.
4.
قصة ذو القرنين.
جميع هذه القصص يربطها محور واحد أنها تجمع الفتن الأربع في الحياة:
الفتنة الأولى : هي فتنة الدين متمثلة في قصة الفتية الذين فروا بدينهم.
الفتنة الثانية: هي فتنة المال متمثلة في قصة صاحب الجنتين.
الفتنة الثالثة: هي فتنة العلم متمثلة في قصة موسى عليه السلام والخضر.
الفتنة الرابعة: هي فتنة السلطة متمثلة في قصة ذي القرنين.
فضل سورة الكهف :
سورة الكهف سورة عظيمة الفضل جاء في فضلها عن النبي r أنه قال : " من حفظ عشر آيات من أخر سورة الكهف عصم من الدجال"

من حفظ عشر آيات من أول سورة الكهف عصم من " فتنة " الدجال
الراوي: أبو الدرداء المحدث: الألباني - المصدر: السلسلة الصحيحة - الصفحة أو الرقم: 582
خلاصة حكم المحدث: إسناده صحيح


وفي رواية أخرى " من قرأ عشر آيات من أول سورة الكهف عصم من الدجال "
وكان النبي r يحث على قراءة سورة الكهف كل يوم جمعة :
وصح عنه أنه قال " من قرأ سورة الكهف يوم الجمعة أضاء له من النور ما بينه وبين الجمعة الأخرى ,
وفي رواية " أضاء له من النور ما بينه وبين البيت العتيق "
من قرأ سورة الكهف يوم الجمعة أضاء له النور ما بينه و بين البيت العتيق
الراوي: أبو سعيد الخدري المحدث: الألباني - المصدر: صحيح الجامع - الصفحة أو الرقم: 6471
خلاصة حكم المحدث: صحيح

وسورة الكهف هي إحدى خمس سور ابتدأت ب"الحمد لله"
"
الفاتحة ، الأنعام ، الكهف ، سبأ ، فاطر"
تعالى الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَىٰ عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجًا ۜ ﴿1﴾الكهف

الله سبحان وتعالى يحمد نفسه المقدسة عند فواتح الأمور وخواتيمها فهو المحمود على كل حال وله الحمد في الأولى والآخرة ..
ولهذا حمد نفسه على إنزاله لكتابه العزيز على رسوله محمد r وأن القرآن الكريم أعظم نعمة أنعمها الله على أهل الأرض إذ أخرجهم من الظلمات إلي النور ويقصد
ﯟ  ﯠ   أي على سيدنا محمد r.
ﯢ     ﯣ  ﯤ  ﯥ  أي أنه جعله كتابا مستقيماً لا اعوجاج فيه ولا زيغ ولا ميل بل جعله معتدلاً مستقيماً.
  ﯧ   ﯨ   نلاحظ أن الله عز وجل جمع بين الوصفين عوجاً وقيماً مع الغلام أن لهم نفس المعنى فنفي الله العوج عن قرآنه العظيم فهو كتاب قيم مستقيم .
**لماذا جمع الله بين نفي العوج وبين القيم مع إنهما نفس المعنى ؟
قال العلماء إن الشيء إذا نظرنا أليه نظنه مستقيما ولكن لو دققنا النظر لوجدنا فيه بعض العوج .
والله أكد بكلمة القيم بعد نفي العوج أن هذا الكتاب مهما دققنا فيه النظر فلم نجد العوج .فهو من أوله إلي آخره مستقيم لاعوج فيه والاستقامة ظاهرة في كل حرف وفي كل لفظ وفي كل خبر لأنه كلام رب العالمين عز وجل وليس كلام البشر المخلوقين .
وظيفة هذا الكتاب نذيرا وبشير قَيِّمًا لِيُنْذِرَ بَأْسًا شَدِيدًا مِنْ لَدُنْهُ وَيُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا حَسَنًا ﴿2 الكهف: ٢  أى عاجل عقوبته في الدنيا وعذابا أليما في الآخرة
قَيِّمًا لِيُنْذِرَ بَأْسًا شَدِيدًا مِنْ لَدُنْهُ وَيُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا حَسَنًا ﴿2 الكهف: ٢   : أي الجنة دار الخلد لا يموتون فيها .
ماهي شروط العمل الصالح أو متى يكون العمل صالحا :
1.
النية الصالحة فعن أمير المؤمنين -أبى حفص- عمر بن الخطاب-t- قال : سمعت رسول الله -r - يقول "إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى فمن كانت هجرته إلي الله ورسوله فهجرته إلي الله ورسوله ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها أو امرأة ينكحها فهجرته إلي ما هاجر إليه" متفق عليه

 - إنما الأعمال بالنيات و إنما لكل امرئ ما نوى
الراوي: عمر بن الخطاب المحدث: الألباني - المصدر: غاية المرام - الصفحة أو الرقم: 14
خلاصة حكم المحدث: صحيح

2.الإخلاص لله بأن تكون أعمالنا وأقوالنا خالصة لله عز وجل لا نبتغي بها إلا وجه الله.
3.
متابعة الرسول r و موافقتنا لهدية في أعمالنا فكل عمل نقوم به يجب أن يكون تابعاً لأمور رسولنا الكريم نتبع ما أمرنا به ونجتنب ما نهانا عنه" وما أتاكم به الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوه".
-
يقول ابن القيم رحمه الله : " ينبغي على كل من عزم على عمل أن يسأل نفسه قبل العمل بسؤالين لما ؟ كيف ؟ "
لما نعمل هذا العمل ؟؟ الجواب لله عز وجل , وكيف ؟ الجواب على طريقة الرسول r وأتباع سنته واجتناب ما نهى عنه .
.4أن يكون العامل مؤمناً .
مَاكِثِينَ فِيهِ أَبَدًا ﴿3 الكهف: ٣  أي في ثوابهم عند الله وهو الجنة خالدين فيه أبدا دائما لا زوال له ولا انقضاء أبدا مقيمين فيه ، فجعله ظرفاً لإقامتهم  في دار خلد لا يموتون فيها , لأنهم صدقوك بما جئت به عن الله , وعملوا بما أمرتهم .
 ولما كان المكث لا يقتضي التأبيد قال ﯺ  وهو ظرف دال على زمن غير متناه  ونصب ماكثين على الحال من قوله : قَيِّمًا لِيُنْذِرَ بَأْسًا شَدِيدًا مِنْ لَدُنْهُ وَيُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا حَسَنًا ﴿2 الكهف: ٢ في هذه الحال في حال مكثهم في ذلك الأجر , وذكر الضمير في قوله :ﯹ  ; لأنه راجع إلى الأجر وهو مذكر ، وإن كان المراد بالأجر الجنة خَالِدِينَ فِيهَا لَا يَبْغُونَ عَنْهَا حِوَلًا ﴿108 الكهف: ١٠٨  لَا يَمَسُّهُمْ فِيهَا نَصَبٌ وَمَا هُمْ مِنْهَا بِمُخْرَجِينَ ﴿48۞ الحجر: ٤٨  خالدين فيه بلا انقطاع . لا يزول عنهم، ولا يزولون عنه،يقيمون في هذا النعيم لا يفارقونه أبدًا. بل نعيمهم في كل وقت متزايد،  وهذا الخلود في الجنة، وهذا الدوام والبقاء هو الذي يسعد أهل الجنة بنعيمها ، وطول المكث، وعدم الخروج؛ لأن الإنسان في الدنيا إذا أنعم الله عليه ووسع عليه في الرزق، وبسط له فيه لا يطمئن، ولا يفرح به الفرح الشديد لأنه يعلم أن هذا النعيم سيزول، وإنه سيفنى ويموت، فصاحب النعيم في الدنيا  في قلق  وخوف من الموت وزوال النعيم أما أهل الجنة، فإنهم إذا دخلوها نودوا مبشرين بالخلود، في الصحيحين وعند أحمد في المسند من حديث ابي سعيد الخدري رضي الله عنه (إذا دخل أهل الجنة الجنة، وأهل النار النار، يؤتى بالموت على صورة كبش أملح، فيوضع على سور بين الجنة والنار، ونودي يا أهل الجنة، فيشرأبون ينظرون، ويا أهل النار، فيشرأبون ينظرون، قال: أتعرفون هذا؟ فيقولون: نعم، إنه الموت فيذبح هذا الكبش الذي يمثل الموت، وينادى يا أهل الجنة، خلود بلا موت، ويا أهل النار، خلود بلا موت.
- إذا دخل أهل الجنة الجنة وأهل النار النار ، يجاء بالموت كأنه كبش أملح ، فيوقف بين الجنة والنار ، فيقال : يا أهل الجنة هل تعرفون هذا ؟ فيشرئبون ، فينظرون ، ويقولون : نعم ، هذا الموت ، وكلهم قد رآه ، ثم ينادى : يا أهل النار هل تعرفون هذا ؟ فيشرئبون ، فينظرون ، فيقولون : نعم ، هذا الموت ، وكلهم قد رآه ، فيؤمر به فيذبح ، ويقال : يا أهل الجنة خلود ولا موت ، ويا أهل النار خلود ولا موت
الراوي: أبو سعيد الخدري المحدث: الألباني - المصدر: صحيح الجامع - الصفحة أو الرقم: 522
خلاصة حكم المحدث: صحيح


وفى الحديث عند مسلم من حديث ابي هريرة رضي الله وأبي سعيد الخدري  عنه عن الرسول - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: ( إذا دخل أهل الجنة الجنة، ناداهم مناد يا أهل الجنة، إن لكم أن تحيوا فلا تموتوا أبداً، وأن تصحوا فلا تسقموا أبدا، وأن تشبوا في تهرموا أبدا  وأن تنعموا فلا تبئسوا أبدا .
ينادى مناد : إن لكم أن تصحوا فلا تسقموا أبدا ، و إن لكم أن تحيوا فلا تموتوا أبدا ، و إن لكم أن تشبوا فلا تهرموا أبدا ، و أن لكم أن تنعموا فلا تبأسوا أبدا
الراوي: أبو سعيد الخدري و أبو هريرة المحدث: الألباني - المصدر: صحيح الجامع - الصفحة أو الرقم: 8164
خلاصة حكم المحدث: صحيح


وَيُنْذِرَ الَّذِينَ قَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا ﴿4الكهف: ٤
الذين قالوا ذلك هم مشركوا العرب من قبيلة قريش حيث كانوا يعبدون الملائكة ويقولون أنها بنات الله .
 مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ وَلَا لِآبَائِهِمْ ۚ كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ ۚ إِنْ يَقُولُونَ إِلَّا كَذِبًا ﴿5 الكهف: ٥ أي ما كان عندهم علم بهذا الكلام لا هم ولا آبائهم .
مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ وَلَا لِآبَائِهِمْ ۚ كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ ۚ إِنْ يَقُولُونَ إِلَّا كَذِبًا ﴿5 الكهف: ٥  أسلوب تعجب و تبشيع لما قالوا عن الله تبارك وتعالى بأن له ولد وهم ليس لهم سند ولا دليل وكبرت هنا لاستعظام أمرهم .
مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ وَلَا لِآبَائِهِمْ ۚ كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ ۚ إِنْ يَقُولُونَ إِلَّا كَذِبًا ﴿5 الكهف: ٥ أي أن كلامهم باطل وكله أكاذيب لا يستند على دليل .
فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ عَلَىٰ آثَارِهِمْ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهَٰذَا الْحَدِيثِ أَسَفًا ﴿6 الكهف: ٦  يقول الله عز وجل مخاطباً نبيه محمد rبأنه مهلك نفسك بسبب عدم إيمانهم ويقول له لا تُذهب نفسك عليهم حسرات ولا يصيبك الحزن والهم لان الله تبارك وتعالى عليم بما يصنعون.
يقول الله عز وجل في سورة فاطر
أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَنًا ۖ فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ ۖ فَلَا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَصْنَعُونَ ﴿8 فاطر: ٨  أي بلغهم يا محمد فمن اهتدى منهم فإنه يهتدي لنفسه ومن يضل فإنما يضل عليها
يقول تعالى
أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَنًا ۖ فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ ۖ فَلَا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَصْنَعُونَ ﴿8يونس: ١٠٨  
إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا ﴿7الكهف: ٧
يبين الله هنا حكمة الخلق وحكمة الإيجاد فيقول أنه جعل الدنيا دار فانية مزينة بزينة زائلة وهي دار اختبار و ابتلاء وامتحان ليمتحن الناس فيها وهي دار اختبار لأدار قرار .
عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله r:
"
إن الدنيا حلوة خضرا وإن الله مستخلفكم فيها فناظر ماذا تعملون فاتقوا الدنيا واتقوا النساء فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء "

إن الدنيا حلوة خضرة . وإن الله مستخلفكم فيها . فينظر كيف تعملون . فاتقوا الدنيا واتقوا النساء . فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء . وفي حديث بشار : لينظر كيف تعملون
الراوي: أبو سعيد الخدري المحدث: مسلم - المصدر: صحيح مسلم - الصفحة أو الرقم: 2742
خلاصة حكم المحدث: صحيح


إذاً حكمة الله في إيجاد الخلق وفي خلق الكون إنما ليمتحن الناس ويميز الخبيث من الطيب ولتعلم أن هذه الدنيا فانية وزائلة ومنقضية وذاهبة وخربه لا محالة.
وَإِنَّا لَجَاعِلُونَ مَا عَلَيْهَا صَعِيدًا جُرُزًا ﴿8 الكهف: ٨  جرز هي الأرض السوداء الجرداء التي لا زرع ولا ماء فيها .الصعيد هي الأرض التي ليس فيها لا شجر ولا نبات. يقول الله أن مصير هذه الدنيا من بعد الزينة هي الخراب والدمار وكل شيء هالك.
قال ابن عباس في تفسير هذه الآية : أن الله يهلك كل شيء ويبيد الأرض.
يقول تعالى
أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَسُوقُ الْمَاءَ إِلَى الْأَرْضِ الْجُرُزِ فَنُخْرِجُ بِهِ زَرْعًا تَأْكُلُ مِنْهُ أَنْعَامُهُمْ وَأَنْفُسُهُمْ ۖ أَفَلَا يُبْصِرُونَ السجدة: ٢٧  
ويقول الرسول r: " من جعل الآخرة أكبر همه جعل الله غناه في قلبه وجمع عليه شمله وأتته الدنيا وهي  راغمة , ومن جعل الدنيا أكبر همه جعل الله فقره بين عينيه وفرق عليه شمله ولا يأتيه من الدنيا إلا ما قدر له "

من كانت الآخرة همه ، جعل الله غناه في قلبه ، وجمع له شمله وأتته الدنيا وهي راغمة ومن كانت الدنيا همه جعل الله فقره بين عينيه وفرق عليه شمله ولم يأته من الدنيا إلا ما قدر له
الراوي: أنس بن مالك المحدث: الألباني - المصدر: صحيح الترغيب - الصفحة أو الرقم: 3169
خلاصة حكم المحدث: صحيح لغيره


وهنا يحثنا الرسول الكريم r بأن نجعل الآخرة أكبر همنا وأن نحرص عليها وذلك لا يمنعنا من التمتع بطيبات الحياة الدنيا ..
قال تعالى :
قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ ۚ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ ۗ كَذَٰلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ ﴿32: ٣٢  
************************************
الدرس الثاني

أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كَانُوا مِنْ آيَاتِنَا عَجَبًا ﴿9الكهف: ٩
في هذه الآية الكريمة يخبرنا الله تعالى عن قصه أصحاب الكهف .
الكهف: هو الغار في الجبل ويقال هو النقب الواسع في الجبل والنقب الواسع في الجبل يسمى كهفا وان كان ضيقا يسمى غارا.
والرقيم: قيل هو الوادي الذي فيه الكهف وأصح ما جاء في تفسير الرقيم أنها لوحه معدنية أو حجر من الرخام كتب عليه أسماء أصحاب الكهف.
ويخاطب الله جل وعلا سيدنا r"أم حسبت " أي يا محمد أحسبت أن أصحاب الكهف أمرهم عجبا بالنسبة لآياتنا من اختلاف الليل والنهار وخلق السموات والأرض وغيرها من الآيات الكونية  الدالة على عظمة الله تعالى بأن هم من آياتنا عجبا أي ليس أمرهم عجيبا في قدرتنا وسلطاننا.

إِذْ أَوَى الْفِتْيَةُ إِلَى الْكَهْفِ فَقَالُوا رَبَّنَا آتِنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا ﴿10الكهف: ١٠  يخبرنا الله تعالى عن هؤلاء الفتيه أنهم فروا بدينهم من قومهم فلجؤا إلي غار في جبل ليتخفوا فيه من قومهم.
فقالوا عندما دخلوا الغار إِذْ أَوَى الْفِتْيَةُ إِلَى الْكَهْفِ فَقَالُوا رَبَّنَا آتِنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا ﴿10 الكهف: ١٠  أي هب لنا من عندك رحمه ترحمنا بها وتسترنا بها.
فَقَالُوا رَبَّنَا آتِنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا ﴿10الكهف: ١٠  أي قدر لنا من أمرنا رشدا وأجعل لنا من عاقبتنا رشدا, فسألوا ربهم الرحمة ,
كما جاء الحديث الشريف " وما قضيت لنا من قضاء فاجعل عاقبته رشدا"
وكان الرسول rيدعوا الله ويقول "اللهم أحسن عاقبتنا في الأمور كلها وأجرنا من خزى الدنيا وعذاب الأخره"

- كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو : اللهم أحسن عاقبتنا في الأمور كلها ، وأجرنا من خزي الدنيا وعذاب الآخرة الراوي: بسر بن أرطأة المحدث: أحمد شاكر - المصدر: عمدة التفسير - الصفحة أو الرقم: 1/162
خلاصة حكم المحدث: [أشار في المقدمة إلى صحته] 
=====
اللهم أحسن عاقبتنا في الأمور كلها ، وأجرنا من خزي الدنيا وعذاب الآخرة
الراوي: بسر بن أبي أرطأة المحدث: الألباني - المصدر: السلسلة الضعيفة - الصفحة أو الرقم: 2907
خلاصة حكم المحدث: ضعيف


فَضَرَبْنَا عَلَىٰ آذَانِهِمْ فِي الْكَهْفِ سِنِينَ عَدَدًا ﴿11الكهف: ١١  أي ألقينا عليهم النوم حين دخلوا الكهف سنين عددا.
ثُمَّ بَعَثْنَاهُمْ لِنَعْلَمَ أَيُّ الْحِزْبَيْنِ أَحْصَىٰ لِمَا لَبِثُوا أَمَدًا ﴿12الكهف: أي بعثناهم من رقدتهم ومن نومهم.
والمراد بالحزبين هنا : على أرجح التفسير والله تعالى أعلم أن الفتيه أنفسهم لما بعثهم الله تعالى من نومهم انقسموا إلي حزبين على أنفسهم, وسألوا بعضهم كم لبثتم فأجابوا بعضهم البعض لا فائدة من معرفه كم لبثتم ففوضوا أمرهم إلي الله والله أعلم كم لبثتم.
حْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ نَبَأَهُمْ بِالْحَقِّ ۚ إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى ﴿13﴾الكهف: ١٣  هنا شرع الله تعالى في ظل الفتيه وقال أنهم فتيه أي شباب وعادة يكونوا الشباب أقبل للحق وأهدى للسبيل من الشيوخ الذين عتوا.
ولهذا نجد أن أكثر الذين كانوا مستجيبين لله ورسوله كانوا شبابا .
حْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ نَبَأَهُمْ بِالْحَقِّ ۚ إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى ﴿13الكهف: ١٣   أي اعترفوا بالوحدانية وشهدا أن لا اله إلا الله
ﯜ  ﯝ  ﯞ   وقد استدل بهذه الآية الكريمة بأن الأيمان يزيد وينقص
وَإِذَا مَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَٰذِهِ إِيمَانًا ۚ فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ ﴿124التوبة: ١٢٤  فهنا يدل على أن الإيمان سبب من أسباب زيادة الإيمان فيزيد بالطاعات وينقص بالمعاصي.
وَرَبَطْنَا عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ إِذْ قَامُوا فَقَالُوا رَبُّنَا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَنْ نَدْعُوَ مِنْ دُونِهِ إِلَٰهًا ۖ لَقَدْ قُلْنَا إِذًا شَطَطًا ﴿14الكهف: ١٤  وقال بعض المفسرين من السلف أن هؤلاء الفتيه كانوا من أبناء ملوك الروم وسادتهم وكان لهم يوم في السنة يجتمعون في ظاهر البلد في يوم عيد من أعياد قومهم وكانوا يعبدون الأصنام والطواغيت ويذبحون لها وكان لهم ملك جبارا عنيد يقال له ديقيانوس فلما خرجوا الفتيه مع أبائهم وقومهم في هذا اليوم نظروا إلي صنيع هؤلاء القوم فعرفوا أن الذي يفعلون من سجود للأصنام وذبح لا ينبغي إلا لله سبحانه وتعالى, فما كان منهم إلا أن بدؤا أن يتخلصوا وينؤا وينحازوا من قومهم.
فأول واحد أنسحب وجلس تحت ظل شجره وجاء الأخر ثم الأخر وهكذا حتى اجتمعوا تحت ظل الشجرة.
فجمعهم الله جل وعلا على الأيمان دون أن يعلم أحدهم أمر الأخر.
وكانت عائشة رضي الله عنها تقول قال الرسول  rالأرواح جنود مجنده فما تعارف منها أئتلف وما تناكر منها أختلف" صدق رسول الله
الأرواح جنود مجندة . فما تعارف منها ائتلف . وما تناكر منها اختلف
الراوي: أبو هريرة المحدث: مسلم - المصدر: صحيح مسلم - الصفحة أو الرقم: 2638
خلاصة حكم المحدث: صحيح


إذن قلنا أن هؤلاء الفتيه انسحبوا من قومهم وكان كل وحد منهم يكتم أمره عن الآخرين خوفا منهم ولا يدرى أنهم مثلهم, حتى قال أحدهم ياقوم ما أخرجكم من قومكم وأفردكم عنهم إلا شيء  فلينظر كل واحد بأمره لماذا أنسحب وجلس تحت ظل الشجرة, ثم قال آخر أما أنا فأنى والله رأيت قومي وما هم عليه فعرفت أنه الباطل وإنما الذي يستحق أن يعبد وحده ولا يشرك به شيئا هو الله فهو الذي يستحق ذلك, هو الذي خلق السموات والأرض وما بينهما .
وقال الأخر وأنا والله وقع لي ذلك, وقال الأخر كذلك حتى توافقوا على كلمه واحده وصاروا يدا واحده.
فلما بلغ خبرهم إلي الملك استدعاهم الملك ليتعرف على هؤلاء الذين فروا عن دينه إلي دين لا يعرفه ,ونحن نعرف أن الملك له خشيه ورهبه وهيبة وعظمه ,
فقال الله تعالىﯟ   ﯠ  ﯡ  الكهف: ١٤ أي ثبتهم الله حتى لا يخافوا الملك ويهابوه. والربط" أي تثبيت الشيء, لأنهم وقفوا عند الملك فربط الله على قلوبهم ليذهب عنهم الخوف والقلق ويحل مكانه الأمن والطمأنينة والأمان.
إذ قاموا بين يدي الملك قالوا رَبُّنَا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَنْ نَدْعُوَ مِنْ دُونِهِ إِلَٰهًا ۖ لَقَدْ قُلْنَا إِذًا شَطَطًا ﴿14الكهف: ١٤   نلاحظ أنهم هنا أقروا بروبوبيه الله جل وعلا والإقرار  بالربوبية يستلزم الإقرار  بالألوهيه
معنى الربوبية: هي توحيد الله جل وعلا وأفراده بأفعاله هو أي بالخلق والملك والتدبير.
أما معنى الألوهيه: هو أفراد الله تعالى بأفعال العباد والخلق أي أفراد الله بالعباده بمعنى أفعال الخلق تجاه الرب فلا نتخذ معه آلها.
وَرَبَطْنَا عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ إِذْ قَامُوا فَقَالُوا رَبُّنَا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَنْ نَدْعُوَ مِنْ دُونِهِ إِلَٰهًا ۖ لَقَدْ قُلْنَا إِذًا شَطَطًا ﴿14الكهف: ١٤  هنا لن نفي أي ينفون أن يتقربون من دونه أبدا أي أننا لو فعلنا ذلك لقد قلنا أذا شططا.
والشطط: هو البعد عن الحق والكذب والظلام والظلم والباطل والبهتان, والشطط في القول هو البعد عن الحق والصواب وقول الباطل. أذن فهم قالوا لو فعلنا غير ذلك لكان هذا ظلما وبهتانا.
هَٰؤُلَاءِ قَوْمُنَا اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً ۖ لَوْلَا يَأْتُونَ عَلَيْهِمْ بِسُلْطَانٍ بَيِّنٍ ۖ فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَىٰ عَلَى اللَّهِ كَذِبًا ﴿15الكهف: ١٥  أي أن قومهم لو لا يأتون عليهم بسلطان بين هل لا يدلوا على صحة ما يفعلون من أفعالهم.
هَٰؤُلَاءِ قَوْمُنَا اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً ۖ لَوْلَا يَأْتُونَ عَلَيْهِمْ بِسُلْطَانٍ بَيِّنٍ ۖ فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَىٰ عَلَى اللَّهِ كَذِبًا ﴿15الكهف: ١٥  أي أنهم على باطل وكذب فهم كاذبون أي لا أحد أظلم على الله كذبا وزعم أن له صاحب وولد وشريك في الملك .
إذن عندما أقروا الفتيه بتوحيد الربوبية والألوهيه فتبرؤا من أفعال قومهم.
**************************
الدرس الثالث
قال تعالى  وَإِذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ يَنْشُرْ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيُهَيِّئْ لَكُمْ مِنْ أَمْرِكُمْ مِرْفَقًا ﴿16لكهف: ١٦
يخبرنا الله تعالى عن الفتيه عندما انسحبوا من قومهم وجلسوا تحت ظل شجره أي  مادمتم اعتزلتم قومكم بأرواحكم وقلوبكم وتبرأتم منهم ومن معتقداتهم الباطلة فاعتزلوهم أيضا بأبدانكم
ويقال أنه ملكهم الذي كان يحكم هذا القوم عندما دعوه إلي الإيمان بالله أبا عليهم وتهددهم وتوعدهم وأمرهم بنزع لباسهم الذي كان عليهم من زينة قومهم واجلهم لينظر في أمرهم لعلهم يرجعون عن دينهم وهذا كان إن أجلهم لطف من الله بهم توصلوا إلي الهروب بدينهم . في هذه الحالة يبين إن الفرار مشروع عند الوقوع الفتن بين الناس .الفرار أيضاً حصل مع الصحابة منهم سعد بن أبي وقاص
الفتنه \شرعا\تعني الشرك
وَتَرَى الشَّمْسَ إِذَا طَلَعَتْ تَزَاوَرُ عَنْ كَهْفِهِمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَإِذَا غَرَبَتْ تَقْرِضُهُمْ ذَاتَ الشِّمَالِ وَهُمْ فِي فَجْوَةٍ مِنْهُ ۚ ذَٰلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ ۗ مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ ۖ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرْشِدًا الكهف: ١٧
هؤلاء الفتيه عندما دخلوا الكهف الله جلا وعلا أنزل عليهم النوم فناموا نوماً ثقيلاً وحبس عنهم الأصوات حتى لا يستيقظوا إلا في الوقت الذي حدده الله وقيل أن الفتيه لم يأووا إلي ركن من أركان الكهف ولا إلي زاوية من زواياه وإنما ناموا في وسطه وفي مدخله ليكونوا قريبين من الهواء فكانت الشمس إذا طلعت أمرها الله إن تحيد عنهم ذات اليمين وإذا غربت تقرضهم ذات الشمال ،لماذا؟ أن الله –عز وجل- كانت له حكمه في ذلك فأراد أن يحفظ أبدانهم فكانت الشمس تزاور ذات اليمين استجابة لأمر ربها وإذا غربت تقرضهم ذات الشمال وهم نائمون استجابة لأمر ربها أيضا ، وكان الله سبحانه وتعالى يقلبهم ذات اليمين وذات الشمال على هذا الجنب تارة وعلى ذاك الجنب تارة أخرى لأن الأرض تأكل الجسد الذي لامس الأرض
وَتَحْسَبُهُمْ أَيْقَاظًا وَهُمْ رُقُودٌ ۚ وَنُقَلِّبُهُمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَذَاتَ الشِّمَالِ ۖ وَكَلْبُهُمْ بَاسِطٌ ذِرَاعَيْهِ بِالْوَصِيدِ ۚ لَوِ اطَّلَعْتَ عَلَيْهِمْ لَوَلَّيْتَ مِنْهُمْ فِرَارًا وَلَمُلِئْتَ مِنْهُمْ رُعْبًا ﴿18الكهف: ١٨  وقيل أنهم عندما ناموا كانت أعينهم مفتحه وقد ذكر بعض أهل العلم أنهم لما ضرب الله على ءاذانهم بالنوم بقيت أعينهم مفتحه غير منطبقة لئلا يسرع إليها البلى لهذا قال اللهﮌ  ﮍ   ﮎ  ﮏ  ويقال في هذه النقطة أن الذئب عندما ينام يفتح عينا ويطبق عينا ثم يفتح هذه ويغلق تلك وهو راقد وقال احد الشعراء فيه :
ينام بإحدى مقلتيه ويتقى        بأخرى الرزايا فهو يقظان نائم
وهكذا كانوا فتيه الكهف..
وكان الله سبحانه وتعالى يقلبهم ذات اليمين وذات الشمال على هذا الجنب تارة وعلى ذاك الجنب تارة أخرى لأن الأرض تأكل الجسد الذي لامسها ونام عليها سنين طويلة...
وَتَحْسَبُهُمْ أَيْقَاظًا وَهُمْ رُقُودٌ ۚ وَنُقَلِّبُهُمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَذَاتَ الشِّمَالِ ۖ وَكَلْبُهُمْ بَاسِطٌ ذِرَاعَيْهِ بِالْوَصِيدِ ۚ لَوِ اطَّلَعْتَ عَلَيْهِمْ لَوَلَّيْتَ مِنْهُمْ فِرَارًا وَلَمُلِئْتَ مِنْهُمْ رُعْبًا ﴿18الكهف: ١٨ أي حارس لا يدخل احد عليهم وقيل  ﮚ هو الباب ومنه قوله تعالى إنَّهَا عَلَيْهِمْ مُؤْصَدَةٌ ﴿8﴾ الهمزة: ٨ أي مطبقه مغلقه ، وقد ربض كلبهم على الباب- كما جرت به عادة الكلاب- يحرسهم وهذا من سجيه الكلب وطبيعته وقيل أن جلوسه كان خارج الباب لأن الملائكة لا تدخل بيتا فيه كلب ولا صوره ولا جنب ولا كافر كما جاء في الصحيح ، ونلاحظ هنا - سبحان الله - الكلب كيف ذكره الله في كتابه العزيز وهو كلب لا قيمة له ومن اخسأ المخلوقات والحيوانات ولكن عندما حرص على صحبة أهل الذكر وأهل العقيدة والإيمان صار له ذكرا في كتاب الله العزيز أي انه حصل على شرف الصحبة الصالحة وشرف مصالحه ومجالسه الصالحين
وَتَحْسَبُهُمْ أَيْقَاظًا وَهُمْ رُقُودٌ ۚ وَنُقَلِّبُهُمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَذَاتَ الشِّمَالِ ۖ وَكَلْبُهُمْ بَاسِطٌ ذِرَاعَيْهِ بِالْوَصِيدِ ۚ لَوِ اطَّلَعْتَ عَلَيْهِمْ لَوَلَّيْتَ مِنْهُمْ فِرَارًا وَلَمُلِئْتَ مِنْهُمْ رُعْبًا ﴿18الكهف: ١٨  الكهف: ١٨
أي أن الله تعالى ألقى عليهم المهابة بحيث لا يقع نظر احد عليهم إلا هابهم وهذه من حكمة الله حتى لا يقربهم احد ولا يدنو منهم احد ولا تمسهم يد حتى يبلغ الكتاب اجله وتنقضي رقدتهم التي شاء الله تعالى فيهم

وَكَذَٰلِكَ بَعَثْنَاهُمْ لِيَتَسَاءَلُوا بَيْنَهُمْ ۚ قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ كَمْ لَبِثْتُمْ ۖ قَالُوا لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ ۚ قَالُوا رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثْتُمْ فَابْعَثُوا أَحَدَكُمْ بِوَرِقِكُمْ هَٰذِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ فَلْيَنْظُرْ أَيُّهَا أَزْكَىٰ طَعَامًا فَلْيَأْتِكُمْ بِرِزْقٍ مِنْهُ وَلْيَتَلَطَّفْ وَلَا يُشْعِرَنَّ بِكُمْ أَحَدًا ﴿19الكهف: ١٩لما استيقظوا من رقدتهم قاموا يتساءلون بينهم : كم لبثتم ؟ فنظروا إلى الشمس ووجدوها تميل للغروب وتذكروا أنهم لما دخلوا الكهف كان بعد طلوع الشمس أي في أول النهار فقالوا لبعضهم لبثنا يوما أو بعض يوم ثم قال قائل منهم - أي من أهل الكهف - هذا الكلام لا ينفعكم وفوضوا الأمر لله فلا تنشغلوا عما ينفع بما لا ينفع ، وكانوا عندما قاموا من رقدتهم يحتاجون إلي طعام فقال احدهم و بعض وَكَذَٰلِكَ بَعَثْنَاهُمْ لِيَتَسَاءَلُوا بَيْنَهُمْ ۚ قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ كَمْ لَبِثْتُمْ ۖ قَالُوا لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ ۚ قَالُوا رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثْتُمْ فَابْعَثُوا أَحَدَكُمْ بِوَرِقِكُمْ هَٰذِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ فَلْيَنْظُرْ أَيُّهَا أَزْكَىٰ طَعَامًا فَلْيَأْتِكُمْ بِرِزْقٍ مِنْهُ وَلْيَتَلَطَّفْ وَلَا يُشْعِرَنَّ بِكُمْ أَحَدًا ﴿19الكهف: ١٩  الورق يقال أنها الفضة وهى عملتهم وكانوا يتعاملون بها ، وقيل هنا في معنى ﯦ   ﯧ   أنهم وصوه أن يأتي لهم بطعام طيب ومذبوح على الطريقة الإسلامية غير مخنوق كما أمروه أن يتخفي عن الناس في سيره ودخوله وخروجه وذلك وليتلطف ولا يشعرن بكم أحدا ، لماذا قالوا ذلك؟ لأنهم كانوا يخافون أن يرجع إليهم قومهم ويفتنوهم عن دينهم وذلك في قوله تعالى إِنَّهُمْ إِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ يَرْجُمُوكُمْ أَوْ يُعِيدُوكُمْ فِي مِلَّتِهِمْ وَلَنْ تُفْلِحُوا إِذًا أَبَدًا ﴿20لكهف: ٢٠ يرجموكم : أي يقاتلوكم ، أو يفتتونكم عن دينكم ويردوكم إلي دينهم الذي يعبدون فيه الآلهة ..
وهكذا نلاحظ كيف كان أهل الكهف يتواصون فيما بينهم بالثبات على الدين الذي هداهم الله - سبحانه وتعالى - إليه ، وكان الرسول - صلى الله عليه وسلم - يحثنا على الثبات وعدم التعرض للفتن ومهما تعرض الإنسان للبلاء والفتن والتعذيب عليه أن يثبت كما قال الرسول - صلى الله عليه وسلم - "لا تشرك بالله شيئا وان قطعت أو حرقت"

- لا تشرك بالله شيئا ، وإن قطعت ، وحرقت ، و لا تترك صلاة مكتوبة متعمدا ، فمن تركها متعمدا فقد برئت منه الذمة ، و لا تشرب الخمر ، فإنها مفتاح كل شر
الراوي: أبو الدرداء المحدث: الألباني - المصدر: صحيح الجامع - الصفحة أو الرقم: 7339
خلاصة حكم المحدث:
صحيح


وَكَذَٰلِكَ أَعْثَرْنَا عَلَيْهِمْ لِيَعْلَمُوا أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَأَنَّ السَّاعَةَ لَا رَيْبَ فِيهَا إِذْ يَتَنَازَعُونَ بَيْنَهُمْ أَمْرَهُمْ ۖ فَقَالُوا ابْنُوا عَلَيْهِمْ بُنْيَانًا ۖ رَبُّهُمْ أَعْلَمُ بِهِمْ ۚ قَالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلَىٰ أَمْرِهِمْ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِمْ مَسْجِدًا ﴿21الكهف: ٢١  فهنا دليل حسي على أن الله يحيي الموتى وليعلموا أن وعد الله حق
وقيل أن الملك أراد أن يدفنهم في صندوق من ذهب و جاءه أحدهم في المنام
فقال أنا من التراب خلقنا واليه عدنا فدعنا
وقالوا الذين على دينهم ابنوا عليهم مسجدا .فطريقة أخذ المساجد على القبور طريقة اليهود والنصارى
عن عائشة رضي الله عنها | أن أم حبيبه وأم سلمه ذكرتا للرسول صلى الله عليه وسلم (كنيسة في أرض الحبشة وما فيها من تساو ير
قال صلى الله عليه وسلم "إذا مات الرجل الصالح نبوا على قبره مسجدا واتخذوا فيه مسجدا أولئك شرار الخلق عند الله يوم القيامة"

أن أم سلمة ذكرت لرسول الله صلى الله عليه وسلم كنيسة رأتها بأرض الحبشة ، يقال لها مارية ، فذكرت له ما رأت فيها من الصور ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أولئك قوم إذا مات فيهم العبد الصالح ، أو الرجل الصالح ، بنوا على قبره مسجدا ، وصوروا فيه تلك الصور ، أولئك شرار الخلق عند الله . الراوي: عائشة المحدث: البخاري - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 434
خلاصة حكم المحدث: [صحيح]
وكان الرسول صلى الله عليه وسلم وهو في سكرات الموت يحذر الأمة من اتخاذ القبور في المساجد
******************************
الدرس الرابع
أن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه ونعوذ بالله تعالى من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فهو المهتد ومن يضلل فلا هادى له واشهد أن لا اله إلا الله وحده لا شريك له واشهد أن محمدا عبده ورسوله أرسله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره الكافرون ، اللهم صلى على محمد وعلى اله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين...
أما بعد:
فقد توقفنا في الدرس الماضي عند قوله تعالى
وَكَذَٰلِكَ أَعْثَرْنَا عَلَيْهِمْ لِيَعْلَمُوا أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَأَنَّ السَّاعَةَ لَا رَيْبَ فِيهَا إِذْ يَتَنَازَعُونَ بَيْنَهُمْ أَمْرَهُمْ ۖ فَقَالُوا ابْنُوا عَلَيْهِمْ بُنْيَانًا ۖ رَبُّهُمْ أَعْلَمُ بِهِمْ ۚ قَالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلَىٰ أَمْرِهِمْ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِمْ مَسْجِدًا ﴿21الكهف: ٢١  
ﭑ  ﭒ  ﭓ  إي اطلعنا الناس عليهم وَكَذَٰلِكَ أَعْثَرْنَا عَلَيْهِمْ لِيَعْلَمُوا أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَأَنَّ السَّاعَةَ لَا رَيْبَ فِيهَا إِذْ يَتَنَازَعُونَ بَيْنَهُمْ أَمْرَهُمْ ۖ فَقَالُوا ابْنُوا عَلَيْهِمْ بُنْيَانًا ۖ رَبُّهُمْ أَعْلَمُ بِهِمْ ۚ قَالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلَىٰ أَمْرِهِمْ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِمْ مَسْجِدًا ﴿21 الكهف: ٢١ فيها فهذا دليل حسي ملموس على إن الله تعالى يحيي الموتى ويبعث من في القبور لأنه يقال انه حصل لأهل ذلك الزمان شك في البعث ويوم القيامة فانقسموا إلى طائفتين ، فطائفة قالت تبعث الأرواح ولا تبعث الأجساد بل تأكلها الأرض وطائفة أخرى قالت تبعث الأرواح والأجساد فبعث الله أهل الكهف حجة ودلاله على البعث إي أننا كما أرقدناهم أيقظناهم بهيئاتهم..
إِذْ يَتَنَازَعُونَ بَيْنَهُمْ أَمْرَهُمْ الكهف: ٢١ إي يتنازعون في أمر القيامة فَقَالُوا ابْنُوا عَلَيْهِمْ بُنْيَانًا ۖ  الكهف: ٢١ قال الملك ابنوا عليهم بنيانا إي سدوا عليهم باب الكهف وذروهم على حالهم ولكن قال الذين هم على دين الفتيه اتخذوا عليهم مسجدا ، ويقال أن الملك أراد إن يدفنهم في صندوق من ذهب فأتاه ءات في المنام ويقال إن هذا الآتي من الفتيه أنفسهم فقال للملك : أردت إن تجعلنا في صندوق من الذهب فلا تفعل فانا من التراب خلقنا واليه نعود فدعنا ، وَكَذَٰلِكَ أَعْثَرْنَا عَلَيْهِمْ لِيَعْلَمُوا أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَأَنَّ السَّاعَةَ لَا رَيْبَ فِيهَا إِذْ يَتَنَازَعُونَ بَيْنَهُمْ أَمْرَهُمْ ۖ فَقَالُوا ابْنُوا عَلَيْهِمْ بُنْيَانًا ۖ رَبُّهُمْ أَعْلَمُ بِهِمْ ۚ قَالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلَىٰ أَمْرِهِمْ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِمْ مَسْجِدًا ﴿21 الكهفالكهف: ٢١ روى عن أبى مرصد الغنوى قال سمعت رسول الله - r- يقول " لا تصلوا إلى القبور ولا تجلسوا عليها " 

إي لا تتخذوها قبله فتصلوا إليها أو تصلوا عليها كما فعل اليهود والنصارى فقد كانوا ي  
لا تصلوا إلى القبور ، ولا تجلسوا عليها
الراوي: أبو مرثد الغنوي المحدث: الألباني - المصدر: صحيح النسائي - الصفحة أو الرقم: 759
خلاصة حكم المحدث: صحيح
تخذون قبور أنبيائهم مساجد يصلون إليها وعليها وذلك يؤدى إلى عبادة من فيها إي قاموا يعبدون من فيها وهذا هو السبب في عبادة الأصنام عندما نشأت في قوم نوح فقد كان هناك رجال صالحون في ذلك الزمان وهم ودا وسواعا ويغوث ويعوق ونسرا ولما ماتوا قال الناس نقيم لهم صورا تعظيما لهم وحتى لا ننساهم فأتت الأجيال التاليه وظنوا إن آباءهم كانوا يعبدون هذه الصور فبدأت عبادة الأصنام ، وعن عائشة - رضي الله عنها - أنها ذكرت لرسول الله كنيسة رأتها بأرض الحبشة وما فيها من تصاوير فقال النبي " أولئك كانوا إذا مات فيهم الرجل الصالح بنو على قبره مسجدا واتخذوا فيه تلك الصور أولئك شرار الخلق عند الله يوم القيامة "
..- إن أولئك إذا مات فيهم الرجل الصالح بنوا على قبره مسجدا ، وصوروا فيه تلك التصاوير ، أولئك شرار الخلق عند الله يوم القيامة
الراوي: عائشة المحدث: الألباني - المصدر: شرح الطحاوية - الصفحة أو الرقم: 82
خلاصة حكم المحدث: صحيح


إذا لا يجوز أن يبنى القبر نفسه ولا يبنى عليه فضلا عن أن يبنى عليه مساجد وحتى انه صلى الله عليه وسلم وهو في سكرات الموت لم تشغله سكرات الموت عن تحذير أمته من اتخاذ قبور الأنبياء مساجد فقال " لعنة الله على اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم
مساجد  وَكَذَٰلِكَ أَعْثَرْنَا عَلَيْهِمْ لِيَعْلَمُوا أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَأَنَّ السَّاعَةَ لَا رَيْبَ فِيهَا إِذْ يَتَنَازَعُونَ بَيْنَهُمْ أَمْرَهُمْ ۖ فَقَالُوا ابْنُوا عَلَيْهِمْ بُنْيَانًا ۖ رَبُّهُمْ أَعْلَمُ بِهِمْ ۚ قَالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلَىٰ أَمْرِهِمْ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِمْ مَسْجِدًا ﴿21 الكهف الكهف: ٢١ الغلبة دائما تكون للسلطان للتملك وحاشيته وأتباعه اسَيَقُولُونَ ثَلَاثَةٌ رَابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ وَيَقُولُونَ خَمْسَةٌ سَادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ رَجْمًا بِالْغَيْبِ ۖ وَيَقُولُونَ سَبْعَةٌ وَثَامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ ۚ قُلْ رَبِّي أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِمْ مَا يَعْلَمُهُمْ إِلَّا قَلِيلٌ ۗ فَلَا تُمَارِ فِيهِمْ إِلَّا مِرَاءً ظَاهِرًا وَلَا تَسْتَفْتِ فِيهِمْ مِنْهُمْ أَحَدًلكهف: ٢٢  قسم قال ثلاثة رابعة كلبهم وقسم قالوا خمسه وسادسهم كلبهمﭽ   ﭾ  أي  قولا بلا علم كما نرمى إلى مكان لا نعرفه بدون أي  علم ، وقد اختلفت الآراء على ثلاثة آراء في عدة أصحاب الكهف كم كانوا ولكن الله أشار في هذه الآية إلى بطلان قولين والصواب رأى واحد وهو الثالث ، كيف وضح ذلك الله جل وعلا؟ وضح ذلك بكلمه رجما بالغيب فقد قالها بعد الرأي الأول والرأي الثاني والدليل على ذلك انه لما قال ( سبعة وثامنهم كلبهم ) لم يقل رجما بالغيب ، ويقال إن الله - عز وجل - لما قالسَيَقُولُونَ ثَلَاثَةٌ رَابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ وَيَقُولُونَ خَمْسَةٌ سَادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ رَجْمًا بِالْغَيْبِ ۖ وَيَقُولُونَ سَبْعَةٌ وَثَامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ ۚ قُلْ رَبِّي أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِمْ مَا يَعْلَمُهُمْ إِلَّا قَلِيلٌ ۗ فَلَا تُمَارِ فِيهِمْ إِلَّا مِرَاءً ظَاهِرًا وَلَا تَسْتَفْتِ فِيهِمْ مِنْهُمْ أَحَدً الكهف: ٢٢ فقال ابن عباس إنا من القليل الذين يعلمون عدتهم كانوا سبعه وثامنهم كلبهم ، وقد أرشدنا الله في هذه الآية إلى أن الأحسن في مثل هذه المواقف رد العلم إلى الله ،سَيَقُولُونَ ثَلَاثَةٌ رَابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ وَيَقُولُونَ خَمْسَةٌ سَادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ رَجْمًا بِالْغَيْبِ ۖ وَيَقُولُونَ سَبْعَةٌ وَثَامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ ۚ قُلْ رَبِّي أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِمْ مَا يَعْلَمُهُمْ إِلَّا قَلِيلٌ ۗ فَلَا تُمَارِ فِيهِمْ إِلَّا مِرَاءً ظَاهِرًا وَلَا تَسْتَفْتِ فِيهِمْ مِنْهُمْ أَحَدً: ٢٢ أمر الله نبيه في هذه الآية إلى أن يرد العلم إلى الله ، ۗ فَلَا تُمَارِ فِيهِمْ إِلَّا مِرَاءً ظَاهِرًا وَلَا تَسْتَفْتِ فِيهِمْ مِنْهُمْ أَحَدً: ٢٢ الكهف: ٢٢ هنا يوضح لنا الله - عز وجل - وينهينا عن استفتاء الجاهل الذي لا علم له وعلينا أن نستفتى العلماء المتخصصين والراسخين في العلم الذين تعلموا الكتاب والسنة في المواقف والأمور التي تنزل بنا وقد روى انه صلى الله عليه وسلم سأل نصارى نجران عنهم فنهى عن السؤال وفى هذا دليل على نهى مراجعة أهل الكتاب في شيء من العلم ، لماذا؟ لأنهم لا علم لهم .
ۗ فَلَا تُمَارِ فِيهِمْ إِلَّا مِرَاءً ظَاهِرًا وَلَا تَسْتَفْتِ فِيهِمْ مِنْهُمْ أَحَدً: ٢٢ الكهف المراء هنا بمعنى الجدال ، لا تمار أي لا تجادل يا محمد في عدة أهل الكهف بعدما أوحى إليك من شأنهم ما أوحى الله جل وعلا وان تخبرهم بما اوحاه الله إليك من نبأ أصحاب الكهف ، ﮑ   ﮒ      ﮓ   أي  جادلهم بالتي هي أحسن .
وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَٰلِكَ غَدًا ﴿23: ٢٣ - ٢٤ يقال أن الله – عز وجل - عاتب النبي - صلى الله عليه وسلم - في هذه الآية ويقال إن الكفار لما سألوه عن الروح وعن الفتيه وعن ذي القرنين فأجابهم الرسول : غدا أخبركم بجواب أسئلتكم ولم يستثنى من ذلك أي  لم يقل إن شاء الله ، وقال العلماء إن الآية لم تنزل مباشرة ولكن احتبس الوحي عنه خمسة عشر يوما حتى شق ذلك عليه صلى الله عليه وسلم وارجف الكفار به فنزلت عليه هذه السورة بقوله تعالى وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَٰلِكَ غَدًا ﴿23 الكهف: ٢٣ وأمر بهذه الآية إلا يقول أنى سأفعل غدا كذا وكذا إلا إن يقول : إلا أن يشاء الله أي  أن يعلق ذلك بمشيئة الله - جل وعلا - حتى لا يكون محققا لحكم الخبر وهذا خطأ ، ويقال أن سليمان بن داوود قال : لأطرفن الليلة على تسعين أمراه تلد كل منهن مجاهدا أو فارسا يقاتل في سبيل الله ونسى أن يقول إن شاء الله فلم تلد منهن إلا واحده وضعت شق إنسان وليس أنسانا كاملا فقال النبي : أما انه لو قال إن شاء الله لم يحنث وكان دركا لحاجته ، الشاهد من هذا
  قال سليمان لأطوفن الليلة على تسعين امرأة ، تلد كل امرأة منهن غلاما ، يقاتل في سبيل الله فقيل له : قل : إن شاء الله ، فلم يقل ، فطاف بهن ، فلم تلد منهن إلا امرأة واحدة نصف إنسان . فقال رسول الله : لو قال : إن شاء الله ، لم يحنث ، وكان دركا لحاجته
الراوي: أبو هريرة المحدث: الألباني - المصدر: صحيح النسائي - الصفحة أو الرقم: 3865
خلاصة حكم المحدث: صحيح
الموقف إننا إذا تحدثنا عن شيء نفعله غدا نقول إن شاء الله ثم قال - جل الكهف: ٢٤ هذه الآية لها وجهان ، الأول يقال أن معنى  ﮩ  ﮪ  أي  إذا نسيت هذا الاستثناء ﮢ  ﮣ  ﮤ  ﮥ   فإذا نسيناه ثم تذكرناه فنقوله ، الوجه الآخر هو انه يحتمل في هذه الآية إن يكون الله تعالى ارشد من نسى شيئا من كلامه أن يذكر الله تعالى ، لماذا؟ يقال لأن النسيان منشأه من الشيطان فعندما يذكر الله سيبتعد عنه الشيطان كما قال فتى وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَٰلِكَ غَدًا ﴿23 وذكر الله تعالى يطرد الشيطان فإذا ذهب الشيطان ذهب النسيان ، إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ ۚ وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذَا نَسِيتَ وَقُلْ عَسَىٰ أَنْ يَهْدِيَنِ رَبِّي لِأَقْرَبَ مِنْ هَٰذَا رَشَدًا ﴿24 الكهف الكهف: ٢٤ أي إذا سئلت عن شيء  لا تعلمه فاسأل الله تعالى فيه أن يوفقك للصواب والرشد في ذلك .
وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلَاثَ مِائَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعًا ﴿25﴾ الكهف: ٢٥ هذا خبر من الله تعالى إلى رسوله بمقدار ما لبث أصحاب الكهف في كهفهم منذ أرقدهم إلى أن بعثهم وعثر عليهم أهل ذلك الزمان ، ويقال أن الزيادة التسع سنين تتعلق بكون السنين التي لبثوا فيها سنين شمسيه والزيادة التسعة من السنين القمرية لأنها تابعه للفرق بين السنة الشمسية والقمرية الذي هو إحدى عشر يوما ...
ولقد كان النبي حريصا أشد الحرص على استقرار هذه العقيدة في نفوس أصحابه عقيدة انه لا يعلم الغيب إلا الله حتى يقال انه في احد الأيام عندما دخل على عروس صبيحة بناها وجد جواري يغنينا عندها فقالت أحداهن وهى تغنى : وفينا رسول يعلم ما في غد فقال لها الرسول : دعي هذا وقولي الذي كنت تقولين ولا تقولي وفينا رسول يعلم ما في غد لأنني 

لا اعلم- جاء النبي صلى الله عليه وسلم فدخل حين بني علي ، فجلس على فراشي كمجلسك مني ، فجعلت جويريات لنا ، يضربن بالدف ويندبن من قتل من أبائي يوم بدر ، إذ قالت إحداهن : وفينا نبي يعلم ما في غد ، فقال : ( دعي هذا ، وقولي بالذي كنت تقولين ) .
الراوي: الربيع بنت معوذ بن عفراء المحدث: البخاري - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 5147
خلاصة حكم المحدث: [صحيح]


الغيب  قُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثُوا ۖ لَهُ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۖ أَبْصِرْ بِهِ وَأَسْمِعْ ۚ مَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَدًا ﴿26الكهف يقال أن معنى أبصر به واسمع هي تعجب من أحاطه الله – عز وجل - بالمرئيات بصرا وبالمسموعات سمعا والمعنى ما أبصره وما اسمعه وَاتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ كِتَابِ رَبِّكَ ۖ لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَلَنْ تَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَدًا ﴿27 الكهف: ٢٧ أي  لن تجد يا محمد من دون الله ملجئا ولا وليا كما في قوله يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ ۖ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ ۚ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ ﴿67 المائدة: ٦٧ وكما في قوله تعالى إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرَادُّكَ إِلَىٰ مَعَادٍ ۚ قُلْ رَبِّي أَعْلَمُ مَنْ جَاءَ بِالْهُدَىٰ وَمَنْ هُوَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ ﴿85القصص: ٨٥  أي  أن الله الذي انزل عليك الكتاب سائلك عما فرض عليك من إبلاغ الرسالة...

الدرس ا لخامس
أن الحمد لله نحمده ونستعينه وستهديه ونعوذ بالله من شرورا نفسنا وسيئات أعمالنا من يهده الله فلا مظل له ومن يظلل فلا هادي له ونصلي ونسلم على المبعوث رحمة للعامين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ومن اهتدى يهديه واستن بسنته إلي يوم الدين

أما بعد .
فقد توقفنا في الدرس الماضي عند الآية الكريمة وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ ۖ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۖ وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا ﴿28الكهف: ٢٨ هنا يأمر الله تعالى رسوله بان يصبر نفسه مع الفقراء وقد علمنا أن كبراء قريش وأغنيائهم قد قالوا لرسول الله اطرد الفقراء والضعفاء والمساكين عن حتى نجلس إليك لذلك انزل الله تعالى هذه الآية ﭑ 
والصبر في اللغة هو : الحبس , فالله يأمر رسوله أن يحبس نفسه مع هؤلاء الفقراء والمساكين ويقول له أنهم مخلصون لله تبارك وتعلى ويريدون وجه الله تعالى فقط بمجالستهم للرسول ولم يفكروا بمصلحه دنيويه كل ما يبتغونه هو وجه الله تعالى ، فهؤلاء الضعفاء أمثال بلال وعمار وخباب يبتغون وجه الله تعالى وكذلك نزل قول الله وَلَا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ ۖ مَا عَلَيْكَ مِنْ حِسَابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ وَمَا مِنْ حِسَابِكَ عَلَيْهِمْ مِنْ شَيْءٍ فَتَطْرُدَهُمْ فَتَكُونَ مِنَ الظَّالِمِينَ ﴿52الأنعام: ٥٢
ومن هنا نعرف أن الميزان الذي كانوا يقومون به بعضهم بعضا هو ميزان الدنيا وهي موازيين دنيويه وقيم تعتمد على كثرة المال والأولاد والجاه والسلطان ، فالذي كان منهم كثير الولد وعظيم السلطان كان له شرف بينهم والعكس صحيح فمن هو فقير قليل الأولاد والجاه فليست له كلمه مسموعة بينهم ولا يقيمون له وزنا
وفي هذه الآية يوضح لنا الله أن هذه الموازين خاطئة ومردودة ولا يقبلها الإسلام بل جاء الإسلام ليبدلها ويغيرها بالموازيين والقيم الصحيحة والثابتة والتي تعتمد على التقوى والإيمان والورع وخوف الله ، فقد قال يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ ﴿13الحجرات: ١٣  يوضح الله في هذه الآية أن الميزان الذي يوزن به الناس هو التقوى وليس المال والولد وكان النبي يعمل ويحرص جاهدا لإبطال هذه القيم والموازيين الخاطئة إلي موازيين ثابتة
وعن سهل بن سعد قال مر رجل على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لرجل عنده جالس ما رأيك في هذا ؟ فقال رجل من أشراف الناس هذا والله حري إن خطب أن ينكح وإن شفع أن يشفع . قال فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم مر على رجل فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم ما رأيك في هذا ؟ فقال يا رسول الله هذا رجل من فقراء المسلمين هذا حري إن خطب أن لا ينكح . وإن شفع أن لا يشفع . وإن قال أن لا يسمع لقوله . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا خير من ملء الأرض مثل هذا . متفق عليه مر على رسول الله صلى الله عليه وسلم رجل فقال النبي صلى الله عليه وسلم ما تقولون في هذا الرجل قالوا رأيك في هذا نقول هذا من أشرف الناس هذا حري إن خطب أن يخطب وإن شفع أن يشفع وإن قال أن يسمع لقوله فسكت النبي صلى الله عليه وسلم ومر رجل آخر فقال النبي صلى الله عليه وسلم ما تقولون في هذا قالوا نقول والله يا رسول الله هذا من فقراء المسلمين هذا حري إن خطب لم ينكح وإن شفع لا يشفع وإن قال لا يسمع لقوله فقال النبي صلى الله عليه وسلم لهذا خير من ملء الأرض مثل هذا الراوي: سهل بن سعد الساعدي المحدث: الألباني - المصدر: صحيح ابن ماجه - الصفحة أو الرقم: 3342
خلاصة حكم المحدث: صحيح


لان الله تعالى لا يزن الناس بميزان الأموال والسلطان وإنما ميزان الله هو التقوى يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ ﴿13الحجرات: ١٣
وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ ۖ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۖ وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا ﴿28الكهف: ٢٨ هنا يقول الله لا تلتفت بعينيك إلا ما فيه الأغنياء من المال والولد والسلطان هذا كله من زينه الحياة الدنيا فهو كله زائل فالدنيا زائلة وفانية وقال تعالى إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا ﴿7 الكهف: ٧  إذا كل ما على الأرض من زينه كله إلي زوال وفناء إذا زالت الدنيا ، فالله يأمر نبيه أن لا يلتفت إلي هؤلاء الأغنياء الذين يفكرون في زينة الحياة الدنيا.
وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ ۖ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۖ وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا ﴿28الكهف: ٢٨  نحن نعلم أن الله أمرنا بذكره وطاعته والتقرب إليه لكن من غفل عن ذكر الله واتبع هواه فسيفضي بنفسه إلي الهلاك والخسران والضياع
ﭮ   ﭯ  ﭰ  لماذا ؟ لان الله عندما أمرنا بطاعته وذكره والتحميد والتهليل والاستغفار هؤلاء الكفار الذين انغروا بالحياة الدنيا عطلوا حواسهم عن ذكر الله وعن ما خلقت له من ذكر وطاعة لله ، لذلك عاقبهم الله جل وعلا بان اغفل قلوبهم عن ذكره فلا يستطيعون ذكره أبدا  .لماذا ؟ لأنهم عطلوا حواسهم عن ذكره واغتروا بزينة الحياة الدنيا من جاه وسلطان وتكبروا على الفقراء والضعفاء إذا اغفل قلوبهم عن ذكره وكان عاقبتهم فرطا أي ضياعا . إذا أتباع الهوى يفضي بالإنسان إلي الهلاك والخسران والضياع ،والهوى عدو بل هو من ألد أعدائنا لذا فعلينا أن لا نتبع هوانا وان نحذر من أتباع الهوى وان نزن إعمالنا وأنفسنا بميزان التقوى والكتاب والسنة ولا نتبع الهوى .
قال صلى الله عليه وسلم ( لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبع لما جئت به ) 
   لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعا لما جئت به
الراوي: عبدالله بن عمرو بن العاص المحدث: الألباني - المصدر: تخريج كتاب السنة - الصفحة أو الرقم: 15
خلاصة حكم المحدث: إسناده ضعيف
فعلينا أن يكون هوانا تبع لما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم
هنا أمر الله تعالى رسوله بالبلاغ بان يبلغ هؤلاء المشركين المتكبرين الذين طلبوا منه طرد الفقراء بأنه هذا الحق من ربكم  وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ ۖ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ ۚ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا ۚ وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ ۚ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءَتْ مُرْتَفَقًا ﴿29الكهف: ٢٩ أي يارسول الله ما عليك إلا البلاغ فبلغ الناس أن هذا هو الحق وأصدع به فمن اقبل عليك اقبل عليه واهتم به ومن اعرض فاعرض عنه والحق هنا في هذه الآية أما أن يكون فاعل لفعل محذوف تقديره قد جاءكم الحق من ربكم ، جاء فعل والحق فاعل وأما أن تكون كلمة الحق خبر لمبتداء محذوف تقديره هذا الذي جأتكم به ، فجملة هذا الذي جئتكم به جمله في محل مبتداء و الحق هو جمله الخبر .
وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ ۖ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ ۚ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا ۚ وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ ۚ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءَتْ مُرْتَفَقًا ﴿29الكهف: ٢٩. الكهف: ٢٩  هنا الله يبين انه بعد سماع الحق وبعد أن بلغهم فيكون الخيار لهم قال تعالى لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ ۖ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ ۚ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىٰ لَا انْفِصَامَ لَهَا ۗ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ﴿256البقرة: ٢٥٦
وهنا القول خرج مخرج الترغيب و التخويف والتهديد فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر فانه سيجازى من آمن بالله خير ومن كفر شرا ثم يبين الله جزاء من يؤمن او يكفر وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ ۖ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ ۚ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا ۚ وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ ۚ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءَتْ مُرْتَفَقًا ﴿29 الكهف: ٢٩
 فبدأ بذكر جزاء الكافرين،فاعتدنا فعل ماضي أي أن النار قد أعدت وخلقت ووجدت فهي الآن موجودة وكذلك الجنة.
كما قال الإمام الطحاوي في شرح عقيدة أهل السنة والجماعة فيما سمي ( العقيدة الطحاوية ) قال فيها رحمه الله "والجنة والنار مخلوقتان لا تفتران أبدا ولا تبيدان"
والظالمين هنا هم الكافرين والمشركين الذين اعرضوا عن دعوة الله ، والسرادق هو السور أحاط بهم سرادقها أي سورها من جميع الجهات الست من فوقهم ومن تحتهم ومن بين أيديهم ومن خلفهم وعن يمينهم وعن شمائلهم نسأل الله أن يجيرنا من النار .
وعن أبي سعيد الخدري انه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول "لسرادق النار أربعة جدر كثافة كل جدار مسافة أربعين سنه"
- لسرادق النار أربعة جدر ؛ كثف كل جدار مسيرة أربعين سنة .
الراوي: أبو سعيد الخدري المحدث: الألباني - المصدر: تخريج مشكاة المصابيح - الصفحة أو الرقم: 5609
خلاصة حكم المحدث: إسناده ضعيف


وقال ابن عباس رضي الله عنهﮂ  ﮃ  ﮄ ﭼ  أي حائط من نار
وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ ۖ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ ۚ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا ۚ وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ ۚ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءَتْ مُرْتَفَقًا ﴿29الكهف: ٢٩ يستغيثوا أي يطلبوا الغوث والاغاثه مما هم فيه من العذاب فبماذا يغيثهم الله ؟ يغاثوا بماء كالمهل وقال ابن عباس المهل هنا هو الغليظ وقال مجاهد هو الدم والقيح،ﮋ  ﮌ أي كلما اقترب من وجوههم سقط لحم وجوههم ببخاره فما حالهم إذا دخل بطونهم ( اللهم ارحمنا ولا تجعلنا منهم )ﮎ     ﮏ  ﮐ  ﮑ  وساءت مرتفقا أي ساءت منزلا .وبعد انتهاء الله من ذكر ما أعده للظالمين المشركين انتقل لما أعده للمؤمنين ,
إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا ﴿30 الكهف: ٣٠  هنا يبين الله ما اعد للمؤمنين فالله يوضح لنا انه لا يضيع اجر من أحسن عملا حشا لله أن يضيع لنا أعمالنا الصالحة بل يحصيها كلها ويعدها ويكتبها لنا إذا إحسان العمل لا يكون إلا بالإيمان التام في القلوب والعمل الصالح بالجوارح .
أخبرنا ‏ ‏الحكم بن المبارك ‏ ‏أخبرنا ‏ ‏عمرو بن يحيى ‏ ‏قال سمعت ‏ ‏أبي ‏ ‏يحدث عن ‏ ‏أبيه ‏ ‏قال كنا نجلس على باب ‏ ‏عبد الله بن مسعود ‏ ‏قبل صلاة ‏ ‏الغداة ‏ ‏فإذا خرج مشينا معه إلي المسجد فجاءنا ‏ ‏أبو موسى الأشعري ‏ ‏فقال أخرج إليكم ‏ ‏أبو عبد الرحمن ‏ ‏بعد قلنا لا فجلس معنا حتى خرج فلما خرج قمنا إليه جميعا فقال له ‏ ‏أبو موسى ‏ ‏يا ‏ ‏أبا عبد الرحمن ‏ ‏إني رأيت في المسجد آنفا أمرا أنكرته ولم أر والحمد لله إلا خيرا قال فما هو فقال إن عشت فستراه قال رأيت في المسجد قوما حلقا جلوسا ينتظرون الصلاة في كل حلقة رجل وفي أيديهم حصى فيقول كبروا مائة فيكبرون مائة فيقول هللوا مائة فيهللون مائة ويقول سبحوا مائة فيسبحون مائة قال فماذا قلت لهم قال ما قلت لهم شيئا انتظار رأيك وانتظار أمرك قال أفلا أمرتهم أن يعدوا سيئاتهم وضمنت لهم أن لا يضيع من حسناتهم ثم مضى ومضينا معه حتى أتى حلقة من تلك الحلق فوقف عليهم فقال ما هذا الذي أراكم تصنعون قالوا يا ‏ ‏أبا عبد الرحمن ‏ ‏حصى نعد به التكبير والتهليل والتسبيح قال فعدوا سيئاتكم فأنا ضامن أن لا يضيع من حسناتكم شيء ويحكم يا أمة ‏ ‏محمد ‏ ‏ما أسرع أهلكتكم هؤلاء صحابة نبيكم ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏متوافرون ‏ ‏وهذه ثيابه لم تبل وآنيته لم تكسر والذي نفسي بيده إنكم لعلى ملة هي أهدى من ملة ‏ ‏محمد ‏ ‏أو مفتتحو باب ضلالة قالوا والله يا ‏ ‏أبا عبد الرحمن ‏ ‏ما أردنا إلا الخير قال وكم من مريد للخير لن يصيبه إن رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏حدثنا ‏ ‏أن قوما يقرءون القرآن لا يجاوز ‏ ‏ترقيهم ‏ ‏وإيم الله ما أدري لعل أكثرهم منكم ثم تولى عنهم فقال ‏ ‏عمرو بن سلمه ‏ ‏رأينا عامة أولئك الحلق يطعنونا يوم ‏ ‏النهروان ‏ ‏مع ‏ ‏الخوارج)
- إني رأيت في المسجد قوما حلقا جلوسا ينتظرون الصلاة في كل حلقة رجل وفي أيديهم حصى فيقول كبروا مائة فيكبرون مائة فيقول هللوا مائة فيهللون مائة فيقول سبحوا مائة فيسبحون مائة . قال : أفلا أمرتهم أن يعدوا سيئاتهم وضمنت لهم أن لا يضيع من حسناتهم شيء . ثم أتى حلقة من تلك الحلق فوقف عليهم فقال : ما هذا أراكم تصنعون ؟ قالوا يا أبا عبد الرحمن حصى نعد به التكبير والتهليل والتسبيح والتحميد . قال : فعدوا سيآتكم فأنا ضامن أن لا يضيع من حسناتكم شيء . ويحكم يا أمة محمد ما أسرع هلكتكم ، هؤلاء أصحابه متوافرون ، وهذه ثيابه لم تبل ، وآنيته لم تكسر . والذي نفسي بيده إنكم لعلى ملة هي أهدى من ملة محمد ؛ أو مفتتحو باب ضلالة ! قالوا : والله يا أبا عبد الرحمن ما أردنا إلا الخير . قال : وكم من مريد للخير لن يصيبه . . . الحديث
الراوي: عبدالله بن مسعود المحدث: الألباني - المصدر: إصلاح المساجد - الصفحة أو الرقم: 11
خلاصة حكم المحدث: إسناده صحيح

والرسول الكريم حثنا على التسبيح بسلاميات الأصابع لأنها تشهد علينا يوم القيامة ومن ذلك نذكر أن المسبحة بدعه لان الله يعد لنا أعمالنا الحسنه ويحصيها ، لماذا نحصي أعمالنا السيئة ؟ لأننا عندما نحصيها وننظر إليها نراها يوما كالجبال فنخاف ونرتعب نخشى الله تعالى وتذكرنا بعذاب الله وعندما ننظر إليها يحثنا هذا على أن نبتعد عن هذه الأعمال ونتجنبها ، وأيضا فان عد الحسنات هو من الرياء وهو نوع من أنواع الشرك .
وقال تعالى أُولَٰئِكَ لَهُمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَيَلْبَسُونَ ثِيَابًا خُضْرًا مِنْ سُنْدُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الْأَرَائِكِ ۚ نِعْمَ الثَّوَابُ وَحَسُنَتْ مُرْتَفَقًا ﴿31الكهف: ٣١ أي أن لهم جنات أقامه وخلود لا يبغون عنها حول تجري من تحتهم الأنهار وهي انهار من ماء غير آسن وانهار من لبن لم يتغير طعمه وانهار من عسل مصفي وانهار من خمر لذة للشاربين ،وهم يحلون في الجنة من أساور من الذهب وأهل الجنة المقصود هنا الرجال والنساء فالرجال في الدنيا حرم الله عليهم لبس الذهب والحرير لكنه أحله لهم في الجنة لأنهم احلوا ما احل الله وحرموا ما حرم الله وأطاعوه وامتنعوا عنها في الدنيا ولذلك يعوضهم الله بها في الجنة فَالسُّنْدُس ثِيَاب رِفَاع رِقَاق كَالْقُمْصَانِ وَمَا جَرَى مَجْرَاهَا. وَأَمَّا الْإِسْتَبْرَق فَغَلِيظ الدِّيبَاج وَفِيهِ بَرِيق والاتكاء هنا يقال أن وصف الاتكاء أي أنها جلسة خلو البال وصفاء المزاج وراحة النفس وعد الانشغال بالهم أو الغم 

يتبع ان شاء الله.
*******************************





الدرس السادس

أن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه ونعوذ بالله تعالى من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فهو المهتد ومن يضلل فلا هادى له واشهد أن لا اله إلا الله وحده لا شريك له واشهد أن محمدا عبده ورسوله أرسله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره الكافرون ، اللهم صلى على محمد وعلى اله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلي يوم الدين...
إما بعد:
فقد توقفنا في الدرس الماضي عند قوله تعالى٣٢ وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلًا رَجُلَيْنِ جَعَلْنَا لِأَحَدِهِمَا جَنَّتَيْنِ مِنْ أَعْنَابٍ وَحَفَفْنَاهُمَا بِنَخْلٍ وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمَا زَرْعًا ﴿32
يقول الله سبحانه وتعالى مخاطباً رسوله الكريم محمد صلى الله عليه وسلم بعد ذكره المشركين الأغنياء اللذين استكبروا عن مجالسة الضعفاء والمساكين من المسلمين وافتخروا عليهم بأموالهم , اضرب لهم مثلا لكي يعلموا أن القيم والموازين التي يزنون ويقيمون بها الناس هي موازين دنيوية لا قيمة ولا وزن لها عند الله. اضرب لهم الله مثلاً رجلين أحدهما غني كافر والآخر فقير شاكر ، فقد جعل الله لأحدهما جنة "بستانين" من أعناب محفوفتان بالنخيل وفجر الله بينهما نهرا
ﯩ   ﯪ  أي حفهما الله بالنخل الذي جعله على حواف الجنة كالسور الذي يقي ما بداخله.
كِلْتَا الْجَنَّتَيْنِ آتَتْ أُكُلَهَا وَلَمْ تَظْلِمْ مِنْهُ شَيْئًا ۚ وَفَجَّرْنَا خِلَالَهُمَا نَهَرًا ﴿33﴾ الكهف: ٣٣  يقول الله في وصفه للجنتين أنها أعطت ثمارها كاملة غير منقوصة بإذن الله
أذن الله لها أن تعطي ثمارها كاملة ولم تظلم منه شيئا .هذا الغني نظر إلي ماله وكثرته وثماره وكثرتها فأغتر بكثرته وبطر وتكبر فطغى وتعالى على صاحبه المؤمن الفقير وقال له ......
وَكَانَ لَهُ ثَمَرٌ فَقَالَ لِصَاحِبِهِ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ مَالًا وَأَعَزُّ نَفَرًا ﴿34﴾ الكهف: ٣٤  أنا أكثر منك مالا وولدا يعني مالي أكثر من مالك وأولادي أكثر من أولادك ارفع منك قدرا وأعلى منك شانا ومنزله ونظر إلي جنته وما فيها من الثمار والزر وع المختلفة الألوان حمله ذلك على البطر والكفر والتكبر على صاحبه الفقير فكان ينظر إليها نظر المتكبر الطويل الأمل في الدنيا والذي لا يفكر في الموت ولا يخطر بباله وينكر أن هناك بعث ومعاد ونشور وحساب وحياة في الآخرة وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ قَالَ مَا أَظُنُّ أَنْ تَبِيدَ هَٰذِهِ أَبَدًا ﴿35﴾.: ٣٥ ظلم نفسه بكفره وطغيانه وبتره وطغيانه وتكبره على صاحبه الفقير المؤمن
و قال هل يعقل أن هذه الجنة تزول وان يأتي يوما افقد فيه هذه الثمار!!!
وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِنْ رُدِدْتُ إِلَىٰ رَبِّي لَأَجِدَنَّ خَيْرًا مِنْهَا مُنْقَلَبًا ﴿36﴾ الكهف: ٣٦  هذا الكلام كان يحاور به صاحبه المؤمن الفقير حيث كان منكرا للميعاد وللبعث . أي القيامة فقال أنا لا أظن أن هناك قيامة كما يقول صاحبي وان هناك حياة أخرى بعد الموت لا أعتقد أن كلام صاحبي صحيح
وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِنْ رُدِدْتُ إِلَىٰ رَبِّي لَأَجِدَنَّ خَيْرًا مِنْهَا مُنْقَلَبًا ﴿36﴾الكهف: ٣٦  أي  ولئن كان كلام صاحبي هذا صحيح وان بعد الموت بعث وان هناك معاد ومرد إلي الله ليكون لي هناك عند ربى أحسن من هذا الحظ ولولا كرا متى عليه ما اعطانى هذا فكان يظن أن يجد هذا النعيم عند ربه وخيرا منه ، وكما قال في أيه أخرى:
وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ رَحْمَةً مِنَّا مِنْ بَعْدِ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ هَٰذَا لِي وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِنْ رُجِعْتُ إِلَىٰ رَبِّي إِنَّ لِي عِنْدَهُ لَلْحُسْنَىٰ ۚ فَلَنُنَبِّئَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِمَا عَمِلُوا وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنْ عَذَابٍ غَلِيظٍ ﴿50﴾فصلت: ٥٠
وقال تعالى أَفَرَأَيْتَ الَّذِي كَفَرَ بِآيَاتِنَا وَقَالَ لَأُوتَيَنَّ مَالًا وَوَلَدًا ﴿77﴾ مريم: ٧٧  أي  في الدار الاخره ، ولكن قال له صاحبه المؤمن الفقير وهو يحاوره
فَاخْتَلَفَ الْأَحْزَابُ مِنْ بَيْنِهِمْ ۖ فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ مَشْهَدِ يَوْمٍ عَظِيمٍ ﴿37﴾ الكهف: ٣٧   يخبرنا الله تعالى في هذه الآية عن إجابة صاحبه المؤمن الذي كان واعظا له وزاجرا عما هو عليه من الكفر والإنكار والاغترار
ﭰ  ﭱ  ﭲ  ﭳ  ﭴ   هذا إنكار من صاحبه المؤمن لما وقع به صاحب الجنة من جحود فالله خلقه وابتدأ خلقه من طين وهو آدم ثم جعل نسله من سلالة من ماء مهين.
كما قال تعالى : كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنْتُمْ أَمْوَاتًا فَأَحْيَاكُمْ ۖ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ﴿28﴾ البقرة: ٢٨  أي كيف تجحدون ربكم ودلالته عليكم واضحة ظاهره جلية فكلنا نعلم إننا كنا معدومين فالله - عز وجل - أوجدنا ولم نوجد أنفسنا فالله لا اله إلا هو خالق كل شيء
الكهف: ٣٧   أي جعلك معتدل القامة والخلق صحيح الأعضاء ذكراً

لَٰكِنَّا هُوَ اللَّهُ رَبِّي وَلَا أُشْرِكُ بِرَبِّي أَحَدًا ﴿38﴾ الكهف: ٣٨ هذا هو كلام المؤمن الفقير وهو يحاور الغنى المتكبر  أي  أنا لا أقول بمقالتك بل أنا اعترف لله بالوحدانية والربوبية
لَٰكِنَّا هُوَ اللَّهُ رَبِّي وَلَا أُشْرِكُ بِرَبِّي أَحَدًا ﴿38﴾ الكهف: ٣٨  أي  هو الله المعبود وحده لا شريك له , يتضح هنا أخواتي من حوارهما أن كثرة الأموال والجاه والسلطان والأولاد والرفعة في الدنيا ليس عنواناً لمرضاة الله عز وجل , ولا يعني أن من كان غنياً وله أموال وجاه أن الله راضي عنه ..وان الله - عز وجل - أراد أن يؤكد أن هذه الموازين موازين دنيويه لا تنفع أبدا ولا تساوى شيئا عند الله وان الله يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر ولذلك قال الله تعالى وَمَا نُرْسِلُ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ ۚ وَيُجَادِلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالْبَاطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ ۖ وَاتَّخَذُوا آيَاتِي وَمَا أُنْذِرُوا هُزُوًا ﴿56﴾ وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآيَاتِ رَبِّهِ فَأَعْرَضَ عَنْهَا وَنَسِيَ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ ۚ إِنَّا جَعَلْنَا عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْرًا ۖ وَإِنْ تَدْعُهُمْ إِلَى الْهُدَىٰ فَلَنْ يَهْتَدُوا إِذًا أَبَدًا ﴿57﴾ المؤمنون: ٥٥ - ٥٦  أي  هل يظنون أهل الدنيا أن ما أعطاهم الله وما انعم الله به عليهم من النعم عنوان رضاء الله تعالى عليهم ، لا بل أن الله يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر
فقال تعالى وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِأَنْفُسِهِمْ ۚ إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُوا إِثْمًا ۚ وَلَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ ﴿178﴾: آل عمران: ١٧٨  فالله - عز وجل - ابتلى هذا الغنى الكافر بالغنى ليختبره وليمتحنه ليرى أيشكر أم يكفر وابتلى الفقير بالفقر ليختبره وليمتحنه ليرى أيصبر أم يجزع ، فالله - عز وجل - كانت له حكمه في بسط الرزق لهذا الغنى .
إذا الله - عز وجل - عندما ينعم على الإنسان ويبسط عليه الرزق فهذا لا يدل على أن الله تعالى راض عنه وإنما هو امتحان واختبار والمهم النجاح في هذا الامتحان هل نشكر الله ونصبر أم نكفر ونجزع.
وَلَوْلَا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ مَا شَاءَ اللَّهُ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ ۚ إِنْ تَرَنِ أَنَا أَقَلَّ مِنْكَ مَالًا وَوَلَدًا ﴿39الكهف: ٣٩  هنا تكملة لحديث المؤمن الفقير حيث يقول للكافر إنك لما دخلت جنتك هلا قلت ما شاء الله لا قوة إلا بالله ,حيث يحضه على الاعتراف بفضل الله ومنه وكرمه , والإقرار أن ما به من نعمة من مال وأولاد وزروع كله من الله وحده ولا قوة لأحد على أي عمل إلا بالله
عن أَبِي مُوسَى أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهُ " أَلَا أَدُلّك عَلَى كَنْز مِنْ كُنُوز الْجَنَّة ؟ لَا حَوْل وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاَللَّهِ 

" كنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر فلما دنوا من المدينة كبر الناس ورفعوا أصواتهم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا أيها الناس إنكم لا تدعون أصم ولا غائبا إن الذي تدعونه بينكم وبين أعناق ركابكم ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا أبا موسى ألا أدلك على كنز من كنوز الجنة فقلت وما هو قال لا حول ولا قوة إلا بالله
الراوي: أبو موسى الأشعري المحدث: الألباني - المصدر: صحيح أبي داود - الصفحة أو الرقم: 1526
خلاصة حكم المحدث: صحيح


فلا تحول لأحد ولا حركة عن معصية الله إلا بمعونة الله , وهو من يحول بيننا وبين المعصية ..ولا حول لنا ولا قوة على طاعة الله إلا بتوفيق الله سبحانه وتعالى
وعلينا أن نتبرأ من حولنا وقوتنا وأن نعلم أنه لا حول ولا قوة إلا بالله , ولنعلم أن أي نعمة هي من عند الله..
وهنا نفهم أنه يستحب ذكر الله عند رؤية نعم الله بقولنا " ما شاء الله لا قوة إلا بالله ﮒ  ا وَلَوْلَا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ مَا شَاءَ اللَّهُ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ ۚ إِنْ تَرَنِ أَنَا أَقَلَّ مِنْكَ مَالًا وَوَلَدًا ﴿39﴾لكهف: ٣٩  أي أنا أقل منك في الأولاد وأقل منك بالمال ..
فَعَسَىٰ رَبِّي أَنْ يُؤْتِيَنِ خَيْرًا مِنْ جَنَّتِكَ وَيُرْسِلَ عَلَيْهَا حُسْبَانًا مِنَ السَّمَاءِ فَتُصْبِحَ صَعِيدًا زَلَقًا ﴿40الكهف: ٤٠ قيل في الدار الآخرة وقيل في الدنيا.
فَعَسَىٰ رَبِّي أَنْ يُؤْتِيَنِ خَيْرًا مِنْ جَنَّتِكَ وَيُرْسِلَ عَلَيْهَا حُسْبَانًا مِنَ السَّمَاءِ فَتُصْبِحَ صَعِيدًا زَلَقًا ﴿40الكهف: ٤٠  أي يرسل على جنتك التي ظننت أنها لن تبيد أبداً
ﮣ  قيل عذاباً من السماء .وقيل أنه مطر عظيم يقلع زرعها وأشجارها
وقيل أن نوع العقاب الذي وقع على هذا الرجل الكافر انه نزلت نار من السماء فأحرقت البستان والله اعلم .وقيل أيضاً الحساب كما في قوله تعالى:
ﮂ  ﮃ   ﮄ  ﮅ  الرحمن: ، أي يرسل الله تعالى عليها عذاب وهو حساب ما اكتسبت يداك.
فَعَسَىٰ رَبِّي أَنْ يُؤْتِيَنِ خَيْرًا مِنْ جَنَّتِكَ وَيُرْسِلَ عَلَيْهَا حُسْبَانًا مِنَ السَّمَاءِ فَتُصْبِحَ صَعِيدًا زَلَقًا ﴿40الكهف: ٤٠ أي تراباً أملس لا ينبت فيه زرع ولا يثبت فيه قدم وقال ابن عباس: كالجزر الذي لا ينبت.ﮨ  تأكيد لوصف الصعيد أي تزل عنها الأقدام لملامستها.
أَوْ يُصْبِحَ مَاؤُهَا غَوْرًا فَلَنْ تَسْتَطِيعَ لَهُ طَلَبًا ﴿41الكهف: ٤١  أي  غائراً داخل الأرض فالماء الغائر عكس النابع فالنابع هو الذي ينبع من الأرض ويخرج على وجه الأرض والماء الغائر يطلب أسفل الأرض وليس وجهها فعندما يغور الماء لا تنفع الأرض ولا ينبت بها زرعا ولا يمكنك من الوصول إليه كما قال تعالى قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْرًا فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِمَاءٍ مَعِينٍ ﴿30﴾  الملك: ٣٠  هنا المؤمن الفقير يدعو على الكافر الغني بأن يرسل الله عليه حسباناً من السماء ويبيد جنته ..
هل يجوز الدعاء على الظالم نفسه بزوال النعمة التي بها ؟؟
قال العلماء يجوز الدعاء على الظالم نفسه بزوال نعمته إذا كانت النعمة أطغته وجعلته يتكبر على خلق الله ويتعالى عليهم ولا يوقرهم ولا يعترف بفضل الله عليه كما فعل الكافر الغني هنا .

ونلاحظ أيضا في قصة موسى عليه السلام مع فرعون قول موسى عليه وَقَالَ مُوسَىٰ رَبَّنَا إِنَّكَ آتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَمَلَأَهُ زِينَةً وَأَمْوَالًا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا رَبَّنَا لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِكَ ۖ رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَىٰ أَمْوَالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُوا حَتَّىٰ يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ ﴿88﴾ يونس: ٨٨  فهنا دعا موسى عليه السلام على فرعون لما رآه تكبر وتجبر فَقَالَ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَىٰ ﴿24النازعات: ٢٤  
وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ عَلَىٰ مَا أَنْفَقَ فِيهَا وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَىٰ عُرُوشِهَا وَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُشْرِكْ بِرَبِّي أَحَدًا ﴿42الكهف: ٤٢ هنا يذكر الله - جل وعلا - لنا نتيجة هذا الغنى الكافر
ﯔ  ﯕ     أي  نزل به العذاب من السماء وأحاط بجنته من جميع الجهات فأباد البستان كله بما فيه
ﯖ  ﯗ  ﯘ         ﯙ  ﯚ  ﯛ  ﯜ  ﯝ  ﯞ   ﯟ  ﯠ   أي  يضرب إحدى يديه على الأخرى ندما على الأموال التي انفق فيها والتعب الذي ضاع عليها والمال والجهد والوقت ثم ذهب كل هذا مع الرياح سدى ولم يبق منه شيئا
وأصبحت فارغة من النعم فكان يقول وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ عَلَىٰ مَا أَنْفَقَ فِيهَا وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَىٰ عُرُوشِهَا وَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُشْرِكْ بِرَبِّي أَحَدًا ﴿42الكهف: الكهف: ٤٢
وَلَمْ تَكُنْ لَهُ فِئَةٌ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مُنْتَصِرًا ﴿43﴾ الكهف: ٤٣  أي  لم يكن ولد ولا عشيرة ولا فرقة أو جماعة تدفع عنه عذاب الله وتنصره من بأس الله لما جاءه

وَلَمْ تَكُنْ لَهُ فِئَةٌ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مُنْتَصِرًا ﴿43﴾ الكهف: ٤٣  أي  وما كان منتصرا على عذاب الله فلم تكن له قوة ذاتيه تدفع عنه عذاب الله ولم تكن له قوة خارجية تدفع عنه بأس الله ،وهذه حكمة الله وسنته في الأقوام المتجبرون .
هُنَالِكَ الْوَلَايَةُ لِلَّهِ الْحَقِّ ۚ هُوَ خَيْرٌ ثَوَابًا وَخَيْرٌ عُقْبًا ﴿44﴾ الكهف: ٤٤ أي في يوم القيامة كل واحد سيرجع إلي الله وإلي موالاته والخضوع له إذا رأوا العذاب فالكافرون الذين كانوا يتبرأون من الله في الدنيا ويتولون غيره فإذا نزل بهم العذاب تبرأوا من كل الذين تولونهم وأثبتوا ولايتهم لله وحده يوم القيامة ولكن لا ينفعهم هذا بعد إن نزل بهم العذاب ، وقال تعالى عن فرعون:
وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُ بَغْيًا وَعَدْوًا ۖ حَتَّىٰ إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قَالَ آمَنْتُ أَنَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ ﴿90﴾ يونس: ٩٠ - ٩١  هنا نستفيد من هذه القصة التوبة العاجلة والنصوحة إلي الله قبل أن يفوت الأوان .
ثم قال الله تعالى: وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ فَأَصْبَحَ هَشِيمًا تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ ۗ وَكَانَ اللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ مُقْتَدِرًا ﴿ الكهف: ٤٥  هنا يقول الله تعالى مخاطبا نبيه - صلى الله عليه وسلم - واضرب لهؤلاء الأغنياء المستكبرين في الأرض بغير الحق اضرب لهم مثل الحياة الدنيا في زوالها وفنائها وعدم بقائها بالماء ، تلك الدنيا التي غرتهم ودخلت قلوبهم واستحوذت عليهم فأنستهم ذكر الله
لماذا شبه الله – عز وجل - الحياة الدنيا بالماء ؟
قال العلماء في ذلك لأن الماء لا يبقى في مكان ولا يستقر وكذلك الدنيا لا تدوم عند إنسان ولا تدوم على حال وان الماء لا يثبت على حال ولا يستقر في مكان فمن دخل الماء ابتل ومن دخل الدنيا اغتر بها واعرض عن ذكر الله إصابته الفتن فإن الماء لو كان بقدر نفع بإذن الله لكنه إذا زاد عن الحد طغى وخرج عن قدره اضر واحدث البلاء وكذلك الإنسان  الذي يغتر بالدنيا فإذا كانت الدنيا على قدر وكان الرزق كفافا وقوتا كان خيرا للإنسان
ﰈ  ﰉ  ﰊ  ﰋ   هنا يخبرنا الله أنه عندما ينزل الماء ويختلط به الحب في الأرض وينبت بعدما كانت بذرة ميتة فعندما أنزل الله الماء عليها نبتت وطلع عودها واستوت على الأرض وحان موعد حصادها وأصبح الحقل كما كان سابقاً
وكذلك حال الدنيا كما الأرض بدأت ستنتهي في الأجل المسمى
وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ فَأَصْبَحَ هَشِيمًا تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ ۗ وَكَانَ اللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ مُقْتَدِرًا ﴿4 الكهف: ٤٥ﰍ   أي يابسا
ﰎ  ﰏ  أي  تفرقه وتطرحه ذات اليمين وذات الشمال
وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ فَأَصْبَحَ هَشِيمًا تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ ۗ وَكَانَ اللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ مُقْتَدِرًا ﴿4 الكهف: ٤٥  أي  أن الله قادرا على هذا الحال ، وكثيرا ما يضرب الله الحياة الدنيا بالماء كما في سورة يونس :
إِنَّمَا مَثَلُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ وَالْأَنْعَامُ حَتَّىٰ إِذَا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلًا أَوْ نَهَارًا فَجَعَلْنَاهَا حَصِيدًا كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ ۚ كَذَٰلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ﴿24 يونس: ٢٤
وقال تعالى في سورة اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ ۖ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطَامًا ۖ وَفِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ ۚ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ ﴿20 الحديد: ٢٠

وفي حديث النبي -  r- عندما قال له رجل يا رسول الله : أنى أريد أن أكون من الفائزين فقال صلى الله عليه وسلم " ذر الدنيا وخذ منها كالماء الراكد فإن القليل منها يكفي والكثير منها يطغى "
فعلينا يا أخوات أن نكون على حذر من الاغترار بالدنيا وزينتها وملذاتها والركون إليها ولا نفضلها على الآخرة فالسعادة لا تكون بالمال ولا بالبنون
الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۖ وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلًا ﴿46
الكهف: ٤٦  فالمال والبنون هي زينة هذه الحياة الدنيا الفانية فإذا كانت الدنيا فانية فكل ما فيها من مال وبنون سيزول بزوالها وكل ما فيها سيبيد ولن يبقى لنا إلا العمل الصالح لذا قال تعالى الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۖ وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلًا ﴿46: الكهف: ٤٦
قال ابن عباس عن الباقيات الصالحات أنها الصلوات الخمس وقيل أنها سبحان الله والحمد لله ولا اله إلا الله والله اكبر ، وسئل أمير المؤمنين عثمان بن عفان عن الباقيات الصالحات فقال : هي لا اله إلا الله , وسبحان الله, والحمد لله, والله أكبر , ولا حول  ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ..
وهنا نلاحظ أن الله – عز وجل- لم يخصص الباقيات الصالحات بنوع من العبادة وإنما أطلقها وعمها ولم يخصصها ولم يقيدها ، فالأموال والأولاد في الدنيا لا تحقق لنا الآمال ولا السعادة لا في الدنيا ولا في الآخرة ولا تحقق لنا أي شيء فسعادة الدنيا و الآخرة تكون بالقرب من الله والاجتهاد في العمل الصالح بعد الإيمان
وَيَوْمَ نُسَيِّرُ الْجِبَالَ وَتَرَى الْأَرْضَ بَارِزَةً وَحَشَرْنَاهُمْ فَلَمْ نُغَادِرْ مِنْهُمْ أَحَدًا ﴿47 الكهف: ٤٧  هنا بعد أن ذكر الله لنا الدنيا وزوالها وسرعة فنائها انتقل إلي ذكر أهوال يوم القيامة وما يكون فيها من الأمور العظام كما قال تعالى: يَوْمَ تَمُورُ السَّمَاءُ مَوْرًا ﴿9﴾ وَتَسِيرُ الْجِبَالُ سَيْرًا ﴿10﴾ فَوَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ الطور: ٩ - ١٠  أي تذهب من مكانها وتزول

وقال أيضا في سورة وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْجِبَالِ فَقُلْ يَنْسِفُهَا رَبِّي نَسْفًا ﴿105﴾ فَيَذَرُهَا قَاعًا صَفْصَفًا ﴿106﴾ لَا تَرَىٰ فِيهَا عِوَجًا وَلَا أَمْتًا ﴿107 طه: ١٠٥ - ١٠٧  أي انه تذهب الجبال وتتساوى وتبقى الأرض قاعا صفصفا أي سطحا مستويا لا ترى فيها عوجا ولا أمتا

وقال تعالى وَيَوْمَ نُسَيِّرُ الْجِبَالَ وَتَرَى الْأَرْضَ بَارِزَةً وَحَشَرْنَاهُمْ فَلَمْ نُغَادِرْ مِنْهُمْ أَحَدًا ﴿47 الكهف: ٤٧ أي لا حجر فيها ولا بناء ولا شجر ولا عوج ولا تل ولا ربوة مستوية وهذه الجبال الرواسي الشامخات تسير من أماكنها



الدرس السابع

أن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فهو المهتد ومن يضلل فلا هادي له واشهد أن لا اله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد إن محمدا عبده ورسوله أرسله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره الكافرون , اللهم صلى على محمد وعلى اله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلي يوم الدين.....
أما بعد :
فقد توقفنا في الدرس الماضية عند الآية [٤٧]من سورة الكهف عند قوله وَيَوْمَ نُسَيِّرُ الْجِبَالَ وَتَرَى الْأَرْضَ بَارِزَةً وَحَشَرْنَاهُمْ فَلَمْ نُغَادِرْ مِنْهُمْ أَحَدًا ﴿47 الكهف: ٤٧

وبينا كيف انه من أهوال يوم القيامة سير الجبال الشامخة واستواء الأرض بحيث ينعدم ويفنى كل من عليها .ونكمل إن شاء الله من قوله وَيَوْمَ نُسَيِّرُ الْجِبَالَ وَتَرَى الْأَرْضَ بَارِزَةً وَحَشَرْنَاهُمْ فَلَمْ نُغَادِرْ مِنْهُمْ أَحَدًا ﴿47 الكهف: ٤٧  فقوله سبحانه ﭦ   أي جمعناهم الأولين منهم والآخرين "ﭧ  ﭨ  ﭩ  ﭪ  ﭫ   المغادرة بمعنى الترك ومنه الغدر لأنه ترك الوفاء والمقصود من هذا الجزء من الآية أن الله سبحانه لم يترك منهم لا صغيرا ولا كبيرا الكل سيحشر أمام صاحب الملكوت
وتؤكد على ذلك آيات أخرى عديدة في القرآن الكريم كقوله تعالى قُلْ إِنَّ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ ﴿49﴾ لَمَجْمُوعُونَ إِلَىٰ مِيقَاتِ يَوْمٍ مَعْلُومٍ ﴿50﴾

 الواقعة: ٤٩ - ٥٠  وقوله إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَةً لِمَنْ خَافَ عَذَابَ الْآخِرَةِ ۚ ذَٰلِكَ يَوْمٌ مَجْمُوعٌ لَهُ النَّاسُ وَذَٰلِكَ يَوْمٌ مَشْهُودٌ ﴿10 هود: ١٠٣
ثم يقول عز من قائل  : وَعُرِضُوا عَلَىٰ رَبِّكَ صَفًّا لَقَدْ جِئْتُمُونَا كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ ۚ بَلْ زَعَمْتُمْ أَلَّنْ نَجْعَلَ لَكُمْ مَوْعِدًا ﴿48 الكهف: ٤٨  أي تعرض كل الخلائق يوم العرض على الجبار صفا بعد صف كالصفوف في الصلاة كقوله تعالى " وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا ﴿22 الفجر: ٢٢ ويحتمل أن يكون المعنى إن كل الخلائق تقوم بين يدي الله صفا واحدا كقوله يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلَائِكَةُ صَفًّا ۖ لَا يَتَكَلَّمُونَ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَٰنُ وَقَالَ صَوَابًا ﴿38﴾ النبأ: ٣٨
وقيل في معنى قوله تعالىﭯ  جميعا كقوله فَأَجْمِعُوا كَيْدَكُمْ ثُمَّ ائْتُوا صَفًّا ۚ وَقَدْ أَفْلَحَ الْيَوْمَ مَنِ اسْتَعْلَىٰ ﴿64 طه: ٦٤
-قيل معناها قياما فقد أخرج ابن منده في التوحيد عن معاذ بن جبل أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : « إن الله تعالى ينادي يوم القيامة يا عبادي أن الله لا إله إلا أنا أرحم الراحمين وأحكم الحاكمين وأسرع الحاسبين أحضروا حجتكم ويسروا جواباً فإنكم مسئولين محاسبون يا ملائكتي أقيموا عبادي صفوفاً على أطراف أنامل أقدامهم للحساب 0000000"هذا لم أجده اتوقف حتى يثبت
قوله تعالى وَعُرِضُوا عَلَىٰ رَبِّكَ صَفًّا لَقَدْ جِئْتُمُونَا كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ ۚ بَلْ زَعَمْتُمْ أَلَّنْ نَجْعَلَ لَ
-
كُمْ مَوْعِدًا ﴿48 الكهف: ٤٨ هنا يوبخ الله عز وجل على رؤوس الإشهاد المنكرين ليوم المعاد قائلا لهم كما انشاناكم المرة الأولى ننشؤكم هذه المرة أي كما أخرجناكم من بطون أمهاتكم لأول مرة , لا تملكون شيئا , وبدون كساء يستر عوراتكم سنخرجكم من بطن الأرض للحشر حفاةً عراةً غرُلاً , بدون مال ولا ولد قال تعالى وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَىٰ كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَتَرَكْتُمْ مَا خَوَّلْنَاكُمْ وَرَاءَ ظُهُورِكُمْ ۖ وَمَا نَرَىٰ مَعَكُمْ شُفَعَاءَكُمُ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ أَنَّهُمْ فِيكُمْ شُرَكَاءُ ۚ لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ وَضَلَّ عَنْكُمْ مَا كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ ﴿94 الأنعام: ٩٤
ورد في صحيح مسلم عن عائشة رضي الله عنها قالت سمعت رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏يقول يحشر الناس يوم القيامة حفاة عراة ‏ ‏غرلا ‏ ‏قلت يا رسول الله النساء والرجال جميعا ينظر بعضهم إلي بعض قال ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏يا ‏ ‏عائشة ‏الأمر أشد من أن ينظر بعضهم إلي بعض" غرلا : بمعنى غير مختونين

يحشر الناس يوم القيامة حفاة عراة غرلا . قلت : يا رسول الله ! النساء والرجال جميعا ، ينظر بعضهم إلى بعض ؟ قال صلى الله عليه وسلم : يا عائشة ! الأمر أشد من أن ينظر بعضهم إلى بعض . وفي رواية : بهذا الإسناد ، ولم يذكر في حديثه " غرلا " . وفي رواية : سمع النبي صلى الله عليه وسلم يخطب وهو يقول : إنكم ملاقو الله مشاة حفاة عراة غرلا . ولم يذكر زهير في حديثه : يخطب .
الراوي: عائشة المحدث: مسلم - المصدر: صحيح مسلم - الصفحة أو الرقم: 2859
خلاصة حكم المحدث: صحيح


وقوله سبحانه وَعُرِضُوا عَلَىٰ رَبِّكَ صَفًّا لَقَدْ جِئْتُمُونَا كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ ۚ بَلْ زَعَمْتُمْ أَلَّنْ نَجْعَلَ لَكُمْ مَوْعِدًا ﴿48 الكهف: ٤٨  أي ما كان ظنكم إن هذا مصيركم ومآلكم
قال وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَٰذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا ۚ وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا ۗ وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا ﴿49﴾ الكهف: ٤٩

قوله تعالىﭾ  ﭿ    أي كتاب أعمال العبد الذي يتضمن الجليل والحقير , والفتيل والقطمير وكل أعمال العبد صغيرها وكبيرها
قوله سبحانهﮀ  ﮁ     ﮂ  ﮃ  ﮄ   مشفقين بمعنى خائفين ومرعوبين فهم في هذا اليوم – يوم عرض صحائف إعمالهم – يكونون وجلين خائفين مما احتوته صحائفهم من أعمال سيئة فهم لم يقدموا طول حياتهم إلا شرا وكل إعمالهم أحصيت عليهم فما كان منهم إلا أن قالوا  ﮆ  متحسرين على ما فرطوا في جنب الله , ونادمين على ما قدموا من أعمال سيئة , فيتمنون بذلك الويل وهو الهلاك والموت . فعندما راو مصيرهم وما اعد الله لهم من سوء الموئل جزاءا وفاقا دعوا على أنفسهم بالهلاك والموت حتى لا يصيبهم عذاب جهنم
بالإضافة على دعائهم على أنفسهم فهم يشتكون بقولهمﮇ  ﮈ  ﮉ   ﮊ  ﮋ  ﮌ  ﮍ  ﮎ      ﮏ  ﮐ  يشتكون إحصاء وحفظ ذنوبهم صغيرها وكبيرها
والذنوب تنقسم أي قسمين : صغائر وكبائر

فالكبائر جمع كبيرة وهي الذنب الذي يترتب عليها حد في الدنيا وقصاص وعقوبة في الآخرة , إما الصغائر فهي جمع صغيرة ولا تترتب عليها حد في الدنيا
والصغائر اشد ضررا على الإنسان من الكبائر إذ أن الإنسان يستهين بها ولا يلقي لها بالا وهي تتراكم وتتجمع عليه حتى تهلكه
وروى الطبراني، في المعجم الكبير، إلي سعد ابن جنادة قال: لما فرغ رسول الله rمن غزوة حُنَيْن، نزلنا قفرًا من الأرض، ليس فيه شيء، فقال النبي r: "اجمعوا، من وجد عُودًا فليأت به، ومن وجد حطبًا أو شيئًا فليأت به. قال: فما كان إلا ساعة حتى جعلناه رُكامًا، فقال النبي r: "أترون هذا؟ فكذلك تُجْمَع الذنوب على الرجل منكم كما جَمَعْتُم هذا. فليتق الله رجل ولا يذنب صغيرة ولا كبيرة، فإنها مُحْصَاة عليه 

 "- اجمعوا ، من وجد عودا فليأت به ، ومن وجد عظما أو شيئا فليأت به قال فما كان إلا ساعة حتى جعلناه ركاما فقال النبي أترون هذا ؟ فكذلك تجتمع الذنوب على الرجل منكم كما جمعتم هذا ، فليتق الله رجل ، فلا يذنب صغيرة ولا كبيرة ؛ فإنها محصاة عليه .
الراوي: سعد بن جنادة المحدث: الألباني - المصدر: ضعيف الترغيب - الصفحة أو الرقم: 1472
خلاصة حكم المحدث: ضعيف
===============================================================
وجاء في مسند الإمام احمد عن‏ ‏عبد الله بن مسعود أن رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏قال اياكم ومحقرات الذنوب فإنهن يجتمعن على الرجل حتى يهلكنه وإن رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏ضرب لهن مثلا كمثل قوم نزلوا أرض ‏ ‏فلاة ‏ ‏فحضر صنيع القوم فجعل الرجل ينطلق فيجيء بالعود ‏والرجل يجيء بالعود حتى جمعوا ‏ ‏سوادا ‏ ‏فأججوا نارا وأنضجوا ما قذفوا فيها "
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إياكم ومحقرات الذنوب ، فإنهن يجتمعن على الرجل حتى يهلكنه وإن رسول الله ضرب لهن مثلا : كمثل قوم نزلوا أرض فلاة ، فحضر صنيع القوم ، فجعل الرجل ينطلق فيجيء بالعود ، والرجل يجيء بالعود ، حتى جمعوا سوادا ، وأججوا نارا ، وأنضجوا ما قذفوا فيها
الراوي: عبدالله بن مسعود المحدث: الألباني - المصدر: صحيح الترغيب - الصفحة أو الرقم: 2470
خلاصة حكم المحدث: صحيح لغيره

قال تعالىﮒ  ﮓ  ﮔ   ﮕ  أي وجدوا كل ماعملوا من خير وشر محصى ومحفوظ في هذا الكتاب قال سبحانه يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ ﴿9الطارق: ٩  أي تظهر المخبآت والضمائر وقال أيضا عز من يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا ۗ وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ ۗ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ ﴿30 آل عمران: ٣٠
وقال تعالىﮗ  ﮘ   ﮙ  ﮚ  ﮛ   بمعنى تعالى الله أن يظلم أحدا مثقال ذرة وحاشاه أن يفعل ذلك فهو لا يحاسب أحدا بما لم يعمل ولا يأخذ أحدا بذنب احد آخر ولا ينقص طائعا من ثوابه ولا يزيد عاصيا في عقابه بل يعفو ويصفح ويعذب من يشاء بقدرته وحكمته وعدله
يقول الحق وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ ۗ أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ ۚ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلًا ﴿50﴾ ۞ الكهف: ٥٠
هنا يقول الحق سبحانه منبهًا بني آدم على عداوة إبليس لهم ولأبيهم من قبلهم، ومقرعًا لمن اتبعه منهم وخالف خالقه ومولاه، الذي أنشأه وابتداه، وبألطاف رزقه غذاه، ثم بعد هذا كله وإلي إبليس وعادى الله، فقال تعالىﮜ  ﮝ  ﮞ    أي جميع الملائكةﮟ   ﮠ   والسجود هنا سجود احترام واجلال , سجود تشريف وتكريم وتحية وتقدير وليس سجود عبادةﮡ   كلهم جميعا "ﮢ    ﮣ     ﮤ        ﮥ  ﮦ  ﮧ  ﮨ  ﮩ     ﮪ  إبليس وحده من عصى الله ولم يسجد فلماذا هذا العصيان؟  قيل لأنه خانه أصله ,فالله خلقه من  مارج من نار فاستكبر وقال قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ ۖ قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ ﴿12﴾ الأعراف: ١٢
وقيل انه كان من خزان الجنة وقيل انه كان رئيس ملائكة السماء الدنيا وكان اشد الملائكة اجتهادا وأكثرهم علما ولذلك دعاه الكِبْرﮧ  ﮨ  ﮩ     ﮪ  الفسق هو الخروج عن الطاعة , عن طاعة الله عز وجل أي بعدم طاعته لأمر الله في السجود لأدم خرج عن طاعة الله وأصبح فاسقا
قوله تعالى وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ ۗ أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ ۚ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلًا ﴿50۞  الكهف: ٥٠  فكيف يا بني ادم تتخذون الشياطين أولياء لكم بدلا عن الله عز وجل المستحق لهذا الولاء .فبئس إبليس بدلا عن الله وبئس عبادة الشياطين بدلا عن عبادة الله

يقول تعالى مَا أَشْهَدْتُهُمْ خَلْقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَا خَلْقَ أَنْفُسِهِمْ وَمَا كُنْتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُدًا ﴿51 الكهف: ٥١  
يقول الحق سبحانه هنا هؤلاء الذين اتخذتموهم أولياء من دوني عبيد أمثالكم، لا يملكون شيئًا، ولا أشهدتهم خلقي للسموات ولا للأرض، ولا كانوا إذ ذاك موجودين، يقول تعالى: أنا المستقل بخلق الأشياء كلها، ومدبرها ومقدرها وَحْدي، ليس معي في ذلك شريك ولا وزير، وما كنت لاتخذ هؤلاء المضلين أعوانا وأنصارا
والعضد المسافة بين المرفق والكتف وهنا فيه دلالة على القوة والعون والنصير كقوله تعالى لموسى عليه السلام قَالَ سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ وَنَجْعَلُ لَكُمَا سُلْطَانًا فَلَا يَصِلُونَ إِلَيْكُمَا ۚ بِآيَاتِنَا أَنْتُمَا وَمَنِ اتَّبَعَكُمَا الْغَالِبُونَ ﴿35 القصص: ٣٥  فالله سبحانه هو وحده المستحق للعبادة , ولا يستحق العبادة غيره فهو الله لا اله إلا هو لا معبود بحق إلا هو وهو المدبر المتصرف الخالق الرازق ليس له شريك ولا نظير
ويقول الله وَيَوْمَ يَقُولُ نَادُوا شُرَكَائِيَ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ فَدَعَوْهُمْ فَلَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُمْ وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ مَوْبِقًا ﴿52الكهف: ٥٢  هنا يخبر الله تعالى عما يخاطب به المشركينﯫ  ﯬ  ﯭ  ﯮ  يوم القيامة على رؤوس الأشهاد تقريعًا لهم وتوبيخًا فيقول لهم  ﭽ ﯫ  ﯬ  ﯭ  ﯮ   أي ادعوا هؤلاء الذين اتخذتموهم أولياء من دون الله لينقدوكم مما انتم فيه من وَيَوْمَ يَقُولُ نَادُوا شُرَكَائِيَ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ فَدَعَوْهُمْ فَلَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُمْ وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ مَوْبِقًا ﴿52 الكهف: ٥٢  الموبق هو الحاجز,وقيل انه واد من قيح ودم في جهنم , وقيل أيضا انه موعد للهلاك وجاء أيضا في معناه انه المهلك وهو اسم مكان فقد قال رسول الله r" اجتنبوا السبع الموبقات "

أي المهلكات اجتنبوا السبع الموبقات قيل : يا رسول الله ! وما هن ؟ قال : الشرك بالله ، والسحر ، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق ، وأكل مال اليتيم ، وأكل الربا ، والتولي يوم الزحف ، وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات
الراوي: أبو هريرة المحدث: الألباني - المصدر: صحيح الترغيب - الصفحة أو الرقم: 2436
خلاصة حكم المحدث: صحيح

وقوله تعالىﯴ   أي بين المشركين ومعبود يهم شركاؤهم من دون الله الذين اتخذوهم أولياء وقال المفسرون أن مهلكا هو اسم واد في جهنم واسع عميق من نار يفصل بين هؤلاء المشركين وشركائهم فلا يستطيع احد الوصول إلي الطرف الأخر
وقوله تعالى وَرَأَى الْمُجْرِمُونَ النَّارَ فَظَنُّوا أَنَّهُمْ مُوَاقِعُوهَا وَلَمْ يَجِدُوا عَنْهَا مَصْرِفًا ﴿53﴾

  الكهف: ٥٣

الظن هنا بمعنى اليقين والجزم .أي لما رأى المجرمون النار وعاينوها , وهم كانوا يظنون أنهم لن يروها, وتحققوا لا محالة أنهم سيقعون فيها ويعذبون بها لم يجدوا عنها مهربا ولا ما يصرفهم ولا ينقدهم منها .أي لم يجدوا من عقاب الله ملجأ ولا مفرا


الدرس الثامن

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل ومن يضل فلا هادي له وأشهد أن الإله إلا الله وحده لاشريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وأحبابه وأتباعه وعلى كل من اهتدى يهديه واستن بسنته واقتفي أثره إلي يوم الدين.

توقفنا في الدرس السابق عند قوله مَا أَشْهَدْتُهُمْ خَلْقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَا خَلْقَ أَنْفُسِهِمْ وَمَا كُنْتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُدًا ﴿51الكهف: ٥١ هنا يقول الله جل وعلاﯛ  ﯜ   أي لم تشورهم في خلق السموات والأرض ولا خلق أنفسهم بل خلقنهم على ما أردتﯣ  ﯤ          ﯥ  ﯦ  ﯧ   ﯨ    أي ما كنت متخذ الشياطين وقيل الكفرين عضداً أي أعواناً وأنصاراً وأصل عضد مابين المرفق إلي الكتف في الإنسان فهذه الجزء هو العضد وهو محل القوة فاستعير للمعين والنصير   كما في قوله  تعالى قَالَ سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ وَنَجْعَلُ لَكُمَا سُلْطَانًا فَلَا يَصِلُونَ إِلَيْكُمَا ۚ بِآيَاتِنَا أَنْتُمَا وَمَنِ اتَّبَعَكُمَا الْغَالِبُونَ ﴿35 القصص: ٣٥  عندما طلب موسى عليه السلام أن يشد الله عضده بأخيه فأجاب الله سنشد عضدك بأخيك,أي يعينك بأخيكﯩ  ﯪ  ﯫ  ﯬ  ﯭ  ﯮ  ٥٢  أي ادعوا الذين أشركتموهم فيّ ,في الدنيا فليمنعونك من عذابيﯯ   ﯰ   ﯱ  ﯲ  أي فعلوا ذلك فلم يستجيبوا لهم ولم ينصرهم ولم يركعوا لهمﯳ  ﯴ  ﯵ  ﯶ   أي حاجزاً وقلنا انه سد من نار فرق الله به بين المشركين وبين شركاؤهم في الدنيا

·       وقلنا انه وادي من نار في جهنم.

·       أو وادي من قيح ودم في جهنم.

والموبق: أي المهلك أي جعلنا لهم مهلكاً في جهنم وقيل موعدا ًللهلاك .

وَلَقَدْ صَرَّفْنَا فِي هَٰذَا الْقُرْآنِ لِلنَّاسِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ ۚ وَكَانَ الْإِنْسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلًا ﴿54﴾الكهف: ٥٤ أي أن الله جل وعلا يخبرنا في هذه الآية أنه قد بين للناس في هذا القرآن ووضح من الأمور كي لا يغيب عن الحق وعن طريق الهدى وبين للناس القصص والأمثال والأخبار والحكايات وبين لهم الأوامر والنواهي والترهيب والترغيب والحكمة والأمور كلها لماذا؟؟؟

1-لكي لا يضل الناس عن الحق ويخرجوا عن طريق الهدى.

2-نوع الله تعالى في القرآن لكي تكون الأمور واضحة للناس ولا تغيب عن الحق.

3- وأيضا لي ينفعوا ويستفيدوا.

4- لكي يخلصوا أنفسهم لله تعالى ويتجنبوا عذاب الله عز وجل وعقابه.

ﭛ   ﭜ  ﭝ   ﭞ  ﭟ  ﭠ   يقول الله جل وعلا مع هذا التنوع في القرآن مع التوضيح مع ذكر القصص والأوامر والنواهي والترغيب والحكمة مع هذا كله كان الإنسان أكثر شيئا جدلا أي كثير المجادلة والمخاصمة والمعارضة للحق بالباطل طبيعة الإنسان بفطرته بجبلته يحب الجدال لذلك وصف الله جل وعلا الإنسان أكثر شيئا ًجدلا و هذا طبيعة فطرته التي خلقها الله ولا يذم بكونه مجادل ولكن يذم أن كان جداله في الباطل أن يجادل الحق بالباطل

الجدال على نوعين 1-المجادلة بالحق   2-  المجادلة بالباطل،  أن كان الجدال بالحق كان جائز أو مباحاً أما إذا كان بالباطل كان ممنوع أو محظور وهو  الذي ذكر الله جل وعلا في الجدال الكافرين المعاندين وَمَا نُرْسِلُ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ ۚ وَيُجَادِلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالْبَاطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ ۖ وَاتَّخَذُوا آيَاتِي وَمَا أُنْذِرُوا هُزُوًا ﴿56﴾ الكهف: ٥٦  ويذكر الله عز وجل هنا أن الكافرين المعاندين جادلوا بالباطل ليدحضوا به الحق.وهذا هو الجدال الممنوع الجدال بالسوء وكانت عادة الكافرين يجادلون الحق بالباطل يريدون أن يذهبوا الحق بجدالهم وهذا هو الجدال المنهي عنه المحظور .الجدال الجائز هو الذي قال فيه تعالى للنبي صلى الله عليه وسلم ادْعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ ۖ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ۚ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ ۖ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ ﴿125النحل: ١٢٥ وهذا هو الجدال الجائز الذي حسّن الله في المجادلة أهل الباطل بالتي هي أحسن من أجل تحقيق الحق وأبطال الباطل ولكن لو كان المقابل المخاطب معاند ولم يكن يقبل الجدال علينا أن نصرف الجدال ونترك المراء كما روى أبو عن أبي أمامه رضي الله عنه إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال  (أنا زعيم ببيت في ربض الجنة لمن ترك المراء وأن كان محقاً) )رواه أبو داود في كتاب الأدب –باب في حسن الخلق رقم الحديث(4800)
أنا زعيم ببيت في ربض الجنة ، و ببيت في وسط الجنة ، و ببيت في أعلى الجنة ، لمن ترك المراء و إن كان محقا ، و ترك الكذب و إن كان مازحا ، و حسن خلقه
الراوي: معاذ بن جبل المحدث: الألباني - المصدر: صحيح الترغيب - الصفحة أو الرقم: 139
خلاصة حكم المحدث: حسن لغيره

وقوله وَمَا مَنَعَ النَّاسَ أَنْ يُؤْمِنُوا إِذْ جَاءَهُمُ الْهُدَىٰ وَيَسْتَغْفِرُوا رَبَّهُمْ إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمْ سُنَّةُ الْأَوَّلِينَ أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذَابُ قُبُلًا ﴿55﴾ الكهف: ٥٥ هنا يوضح الله عز وجل المانع الذي منع الناس من قبول الإيمان وقبول الدعوة وقبول الهدى كان مانعهم أنهم طلبوا أن يروا العذاب أي ما منع هؤلاء الكفرة المتمردين عن الإيمان إلا أنهم طلبوا أن يشاهدوا العذاب عياناً بأنفسهم الذي وعدوا به كما قال تعالى في قول الكافرين الذين قالوا فَأَسْقِطْ عَلَيْنَا كِسَفًا مِنَ السَّمَاءِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ ﴿187﴾الشعراء: ١٨٧  وآخرون قالوا أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ وَتَقْطَعُونَ السَّبِيلَ وَتَأْتُونَ فِي نَادِيكُمُ الْمُنْكَرَ ۖ فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قَالُوا ائْتِنَا بِعَذَابِ اللَّهِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ ﴿29العنكبوت: ٢٩ وقالت قريش ا وَإِذْ قَالُوا اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ هَٰذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِنَ السَّمَاءِ أَوِ ائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ ﴿32لأنفال: ٣٢  

وَمَا مَنَعَ النَّاسَ أَنْ يُؤْمِنُوا إِذْ جَاءَهُمُ الْهُدَىٰ وَيَسْتَغْفِرُوا رَبَّهُمْ إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمْ سُنَّةُ الْأَوَّلِينَ أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذَابُ قُبُلًا ﴿55﴾ الكهف: ٥٥ الكهف: ٥٥ وقيل معنى قبلا جمع قبيل مثل سبل وسبيل وقيل معناها أنهم يرونها عياناً ومواجهة ومقابلة وقيل جميعاً أي أصناف العذاب كلها  وقيل متفرقاً يتلو بعضه بعضاً - المانع الآخر هو أنهم لا يتقبلون الأمر كيف أن الله جل وعلا أرسل إليهم رسولاً منهم من البشر كانوا يقولون لماذا؟؟؟ لم يرسل لنا الله بملائكة كانوا يضنون انه لا يمكن أن يبعث الله رسول بشراً كما قال تعالى إِنَّ هَٰذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا ﴿9 الإسراء: ٩  فهنا كان مانع الناس عن الإيمان وكانوا يقولون لو شاء ربنا لأنزل ملائكة فكان أحد الموانع عدم قبولهم الإيمان وعدم قبولهم الهدى هو أن الله جل وعلا بعث إليهم بشراً رسولاً ولم يبعث من الملائك وَمَا نُرْسِلُ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ ۚ وَيُجَادِلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالْبَاطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ ۖ وَاتَّخَذُوا آيَاتِي وَمَا أُنْذِرُوا هُزُوًا ﴿56الكهف: ٥٦  لمن صدقهم و ءامن بهم للذين ءامنوا وعملوا الصالحات مبشرين لهم بجنة عرضها كعرض السماوات والأرض فيها من النعيم مالا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر ,وينذرون من كذب بهم وخالفهم الذين صدوا واستكبروا ولم يقلعوا عن الكفر وأبو إلا كفورا وقال  تعالى وَمَا نُرْسِلُ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ ۚ وَيُجَادِلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالْبَاطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ ۖ وَاتَّخَذُوا آيَاتِي وَمَا أُنْذِرُوا هُزُوًا ﴿56الكهف: ٥٦ وهذا شأن الكافرين من البشر لان هم كانوا دائماً يجادلون بالباطل ليدحضوا به الحق أي يزلوا ويذهبوا بجدالهم عن الحق والله تعالى توعدهم بالعذاب المهين كما قال وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلَا هُدًى وَلَا كِتَابٍ مُنِيرٍ ﴿8﴾ ثَانِيَ عِطْفِهِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ ۖ لَهُ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ ۖ وَنُذِيقُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَذَابَ الْحَرِيقِ ﴿9﴾ الحج: ٨ - ٩  ذلك بما قدمت يداك وأن الله ليس بظلام للعبيد فالله جل وعلا توعد هؤلاء المشركين الذين اعرضوا عن الدعوة الله وعن الإيمان توعدهم بالعذاب المهين ويجادلون الذين  كفروا بالباطل  ليدحضوا به الحق وهنا اخبرنا الله جل وعلا عن الكفار جادلوا بالباطل ليدحضوا به الحق أي ليضعفوا الحق الذي جاءهم.

تعالى وَمَا نُرْسِلُ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ ۚ وَيُجَادِلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالْبَاطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ ۖ وَاتَّخَذُوا آيَاتِي وَمَا أُنْذِرُوا هُزُوًا ﴿56الكهف: ٥٦   أي اتخذوا القرآن وما انذروا فيه من الوعيد والحجج والبراهين التي جاءتهم بها الرسل والقرآن وما أنذروا به من الوعيد اتخذوها هزوا أي لعباً وباطلاً وسخروا منهم وقالوا عن القرآن انه سحر وقالوا أضغاث أحلام وقالوا أساطير الأولين وقالوا لرسول r المؤمنون: ٣٣  وَقَالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِلِقَاءِ الْآخِرَةِ وَأَتْرَفْنَاهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا مَا هَٰذَا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يَأْكُلُ مِمَّا تَأْكُلُونَ مِنْهُ وَيَشْرَبُ مِمَّا تَشْرَبُونَ ﴿33﴾المؤمنون

وَقَالُوا لَوْلَا نُزِّلَ هَٰذَا الْقُرْآنُ عَلَىٰ رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ ﴿31الزخرف: ٣١

وقال وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآيَاتِ رَبِّهِ فَأَعْرَضَ عَنْهَا وَنَسِيَ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ ۚ إِنَّا جَعَلْنَا عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْرًا ۖ وَإِنْ تَدْعُهُمْ إِلَى الْهُدَىٰ فَلَنْ يَهْتَدُوا إِذًا أَبَدًا ﴿57 الكهف: ٥٧  هنا يخبرنا جل وعلا ممن أظلم ممن ذكر بآيات الله وأعرض عنها لا أحد أظلم ممن ذكر بآيات ربه في الدنيا اعرض عنها ونسي ما قدمت يداه وقال الله تعالى في هؤلاء ممن يأتيهم ذكر الله و يعرضوا  عنه في الدنيا قال الله  فيهم مَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَىٰ ﴿124﴾ قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَىٰ وَقَدْ كُنْتُ بَصِيرًا ﴿125﴾ طه: ١٢٤ - ١٢٥     أي في الدنيا ونحشره يوم القيامة أعمى" أي يصبح في هم وحزن ويمسي في غم وفي نكد لا يطمئن قلبه أبداً ولا يهدا له بال ولا يرتاح ضميره ولا يجد للسعادة طعماً ولا يعرف لها أصلاً لماذا ؟ لأنه أعرض عن ذكر الحق وذكر الله تعالى الذي هو أساس السعادة وأسس الطمأنينة وقال تعالى لَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ ۗ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ ﴿28﴾ الرعد: ٢٨  وفي آية وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَٰنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ ﴿36﴾ وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ ﴿37 الزخرف: ٣٦ - ٣٧  

أي أن هؤلاء الذين إذا بلغهم القرآن وبلغتهم الآيات البينات  و جاءهم الرسل اعرضوا عن ذكر الله ولم ينتفعوا بالآيات ما جاءهم من النذير و سيسلط الله عليهم في الدنيا شيطاناً يجعله قرين لهم ومن يكن الشيطان له قرين فساء قرينهﮃ  ﮄ  ﮅ  الزخرف: ٣٨  هذا الشيطان ماذا يفعل ؟؟يصده عن سواء السبيل يصده عن ذكر الله ويزين له سوء عمله فيراه حسناً فيختم الله ويعقبهم  الله بالختم على قلبه ويجعل على بصره غشاوة فلم يهتدي إذن أبدا ويوم القيامة نحشره أعمى قال ربي لما حشرتني أعمى وقد كنت بصيرا فرد الله عليه بقوله تعالى قَالَ كَذَٰلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا ۖ وَكَذَٰلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَىٰ ﴿126 طه: ١٢٦

وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآيَاتِ رَبِّهِ فَأَعْرَضَ عَنْهَا وَنَسِيَ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ ۚ إِنَّا جَعَلْنَا عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْرًا ۖ وَإِنْ تَدْعُهُمْ إِلَى الْهُدَىٰ فَلَنْ يَهْتَدُوا إِذًا أَبَدًا ﴿57 الكهف: ٥٧  أي إنا جعلنا على قلوب هؤلاء الذين يعرضون عن آيات الله إذا ذكروا  بها أغطية لئلا يفقهوه، لأن المعنى أن يفقهوا ما ذكروا به ، وقوله: ﮞ  ﮟ  ﮠ  أي في آذانهم ثقلا لئلا يسمعوه

فالله تعالى عاقبهم بسبب إعراضهم عن آياته، ونسيانهم لذنوبهم، ورضاهم لأنفسهم، حالة الشر مع علمهم بها، أن سد عليهم أبواب الهداية بأن جعل على قلوبهم أكنة، أي: أغطية محكمة وغشاوة ﮜ  ﮝ   أي: يفهموه , لئلا يفهموا هذا القرآن والبيان، تمنعهم أن يفقهوا الآيات وإن سمعوها، فليس في إمكانهم الفقه الذي يصل إلى القلب، فلم يفهموا القرآن، ولم يدركوا ما فيه من الخير ﮞ  ﮟ  ﮠ  أي: صمما وثقلا صمم معنوي يمنعهم عن الرشاد ومن وصول الآيات، ومن سماعها على وجه الانتفاع ,فلم يسمعوها ولم ينتفعوا بها وإذا كانوا بهذه الحالة، فليس لهدايتهم سبيل،ﮢ  ﮣ  ﮤ  ﮥ  ﮦ  ﮧ  ﮨ  ﮩ  ﮪ   فالله يقول عزّ ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: وَإنْ تَدْعُ يا مُحَمَّد هؤلاء المعرضين عن آيات الله عند التذكير بها إلى الدين والاستقامة على محجة الحق والإيمان بالله، وما جئتهم به من عند ربكﮦ  ﮧ  ﮨ  ﮩ  فلن يستجيبوا لك ولن يستقيموا إذا أبدا على الحقّ، ولن يهتدوا إليه أبدًا.ولن يؤمنوا بما دعوتهم إليه، لأن الله قد طبع على قلوبهم، وسمعهم وأبصارهم.  لأنهم أبصروا ثم عموا، ورأوا طريق الحق فتركوه، وطريق الضلال فسلكوه، فعاقبهم الله بإقفال القلوب والطبع عليها، فليس في هدايتهم حيلة ولا طريق ,وهذا في أقوام علم الله منهم أنهم لا يؤمنون ,فقدر عليهم الضلال - بسبب استهزائهم وإعراضهم - فلن يهتدوا إذن أبدا فللهدى قلوب متفتحة مستعدة للتلقي, وفي هذه الآية من التخويف لمن ترك الحق بعد علمه، أن يحال بينهم وبينه، ولا يتمكن منه بعد ذلك، ما هو أعظم مرهب وزاجر عن ذلك.

الكهف: ٥٨ وَرَبُّكَ الْغَفُورُ ذُو الرَّحْمَةِ ۖ لَوْ يُؤَاخِذُهُمْ بِمَا كَسَبُوا لَعَجَّلَ لَهُمُ الْعَذَابَ ۚ بَلْ لَهُمْ مَوْعِدٌ لَنْ يَجِدُوا مِنْ دُونِهِ مَوْئِلًا ﴿58

أي أن الله الغفور ذو الرحمة يغفر الذنوب، وهنا يخاطب الله عز وجل نبيه محمد صلى الله عليه وسلم  يقول له ربك يا محمد غفور ذو رحمه واسعة  لو يؤاخذهم بما كسبوا العجل لهم العذاب يصبر عليهم  جل علاه،  وأن رحمته  وسعت كل شيء كما في قوله تعالى وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَىٰ ﴿82۞ طه: ٨٢ وَاكْتُبْ لَنَا فِي هَٰذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ إِنَّا هُدْنَا إِلَيْكَ ۚ قَالَ عَذَابِي أُصِيبُ بِهِ مَنْ أَشَاءُ ۖ وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ ۚ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ ﴿156 الأعراف: ١٥٦  إذن الله جل وعلا رحمته واسعة ولم يعجل العقوبة والعذاب لحكمة له ومن رحمته جل علاه لأنه يمهل ولا يهمل، يمهل الكافرين والظالمين كما قال تعالى  ﭼ  ﭽ          ﭾ  ﭿ    ﮀ  ﮁ  ﮂ   ﮃ  ﮄ  ﮅ    أي أنه حدد موعد وسمى أجل مسمى لهؤلاء الظالمين الكفار لهلاكهم ولولا هذه التسمية لهذا الموعد لهذا الأجل لولا ذلك لكان لزاما ًوأجل مسمى وعجل لهم  العقوبة لولا كلمة سبقت من ربك بتأخير هذا العذاب عنهم فإذا جاءهم الأجل الذي سماه الله لهم  فلا يستخارون ساعة ولا ستقدمون .وقال الله تعالىوَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا مَا تَرَكَ عَلَىٰ ظَهْرِهَا مِنْ دَابَّةٍ وَلَٰكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إِلَىٰ أَجَلٍ مُسَمًّى ۖ فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِعِبَادِهِ بَصِيرًا ﴿45﴾ فاطر: ٤٥ وحكمه الله  جل وعلا أن يمهلهم إلي أجل الذي سماه لهم إذن وَرَبُّكَ الْغَفُورُ ذُو الرَّحْمَةِ ۖ لَوْ يُؤَاخِذُهُمْ بِمَا كَسَبُوا لَعَجَّلَ لَهُمُ الْعَذَابَ ۚ بَلْ لَهُمْ مَوْعِدٌ لَنْ يَجِدُوا مِنْ دُونِهِ مَوْئِلًا ﴿58الكهف: ٥٨  أي ليس لهم عنه محيص لهم أجل مقدر أجل مسمى لن يتأخر عنهم أما في الدنيا وأما في الآخرة ، هنا الله جل وعلا يبين مدى رحمته ومدى مغفرته ورحمته يا عباده بأنه يمهلهم ولا يهمالهم   وَتِلْكَ الْقُرَىٰ أَهْلَكْنَاهُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وَجَعَلْنَا لِمَهْلِكِهِمْ مَوْعِدًا ﴿59﴾الكهف: ٥٩ أي القصص التي  قصصناها عليك يا محمد من أنباء القرى عاد و ثمود ومدين وقوم لوط ماذا فُعل بهم؟؟  أهلكناهم لما ظلموا وكفروا وجعلنا لمهلكهم موعداً إي أن الله جل وعلا جعل لهم موعداً وأجل ليهلكهم فيه، في وقت معلوم . وهنا يريد الله منا الاعتبار بوحدة المصير المكذبين والظالمين يخاطب في هذه الآية المشركين الذين اعرضوا عن الإيمان وكذلك أنتم أيها المشركين أحذروا أن يصيبكم ما أصابهم فقد كذبتم .

وَإِذْ قَالَ مُوسَىٰ لِفَتَاهُ لَا أَبْرَحُ حَتَّىٰ أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ أَوْ أَمْضِيَ حُقُبًا ﴿60﴾ الكهف: ٦٠   يبين لنا الله تعالى رحله موسى عليه السلام  مع فتاه في طلب العلم ، قيل أن موسى عليه السلام كان يوماً خطيباً ببني إسرائيل فذكرهم ووعظهم وكانت موعظة بليغة وجلت منها القلوب وزفرت منها  العيون فلما رأى موسى عليه السلام تأثر القوم بموعظة ورأى خشيتهم وحزنهم وخوفهم رق لهم قلبه فأنهى حديثه فتوقف وانصرف فأتبعه رجلاً ممن استمع إليه فقال له يا موسى هل على وجه الأرض أحد أعلم منك؟ قال لا وقيل انه سئل أي الناس أعلم ؟فقال أنا فغضب الله عليه لأنه لم يرد العلم إلي الله لان الإنسان مهما بلغ من درجة العلم يوقن أن هنا ك من هو أعلم منه ومن هو فوقه وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ ۖ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا ﴿85 الإسراء: ٨٥   وقيل انه أوحى إليه أن عبداً في مجمع البحرين اعلم منك فقال موسى يا رب كيف لي به؟قال خذ معك حوتاً فحينما فقدت الحوت فهو ثمة فمن هنا نستفيد أن الإنسان مهما بلغ من العلم أن يسعى في طلب العلم ولا يكتفي بما عنده من العلم فإن هناك اعلم منه وهو بحاجة أن يزيد فيها، فموسى رغم انه كان يظن انه اعلم من في الأرض أوحى الله إليه أن هناك من هو اعلم منه فكان حريصا ًعلى أن يذهب إلي هذا الذي هو اعلم منه ليتعلم منه وقال العلامة السعدي رحمه الله في تفسيره لهذه الآية قال"فلو كان هناك فقيه مُحّدث تقدّم في الفقه في الحديث وفاق فيهما غيره إلا أنّه لم يكن في النحو والصرف في مثل هذه المستوى من  الفقه والحديث ,وعلم أن هناك من هو اعلم بالنحو والصرف منه فينبغي له  أن يتواضع وان يأتي العالم الذي هو أعلم منه بالنحو والصرف ليستفيد من علمه ويتعلم منه ولا يأنف من الجلوس إليه لطلب العلم ,وان كان هو متفوقاً ومتقدماً عليه في الفقه والحديث"

 وَإِذْ قَالَ مُوسَىٰ لِفَتَاهُ لَا أَبْرَحُ حَتَّىٰ أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ أَوْ أَمْضِيَ حُقُبًا ﴿60﴾ الكهف: ٦٠ 

الفتى هنا قال العلماء في فتى موسى ثلاثة أقوال:

 1- أنه كان معه يخدمه أي أن الفتى كان خادما. ً

2-الفتى في كلام العرب جرت العادة في الناس أن يتخذون خادماً لا يتخذونه شيخاً مسناً هرماً ًأن الخادم يتحمل العبء والصعاب ولذلك جرت العادة أن يكون الخادم شاباً وقيل أنه الخادم الذي يلازمه في الحضر والسفر وهو يوشع بن نون ولا يقل أحد لخادمه" عبدي أو أمتي"و كان الرسول صلى الله عليه وسلم يقول لا يقل أحدكم عبدي أو أمتي وليقل فتاي وفتاتي وهذا من باب التواضع.

3 -والفتى في الآية للخادم أن يقول انه ابن أخت موسى عليه السلام وقيل انه سمي فتى موسى لأنه لزمه ليتعلم منه وان كان حراً وقيل إنما سمى فتى لأنه بمقام الفتى وهو العبد .

وَإِذْ قَالَ مُوسَىٰ لِفَتَاهُ لَا أَبْرَحُ حَتَّىٰ أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ أَوْ أَمْضِيَ حُقُبًا ﴿60﴾الكهف: ٦٠ فسارا موسى وفتاه ومعهما الحوت يتزودان منه ويأكلان،  حتى بلغا مجمع البحرين ويقال مجمع البحرين وانه هنا ك عينا ًيقال لها عين الحياة عندما وصل مجمع البحرين عند صخرة نزلا عندها  وناما و إذ اصا ب الحوت الذي كان معهما مملح جاهز ليأكله هو وفتاه ولكن قدرة الله عز و جل أصابه رشاش من الماء في تلك المنطقة فاضطرب رغماً انه ميتاً وظفر إلي البحر قال تعالى فَلَمَّا بَلَغَا مَجْمَعَ بَيْنِهِمَا نَسِيَا حُوتَهُمَا فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ سَرَبًا ﴿61﴾

الكهف: ٦١   أي يسرب في البحر سرباً أي يسلك فيه مسلكاً فلما نظر الغلام فوجد الحوت نزل في البحر نظر إلي موسى ليخبره كما كلفه فرآه نائماً فشق عليه أن يوقظه ليخبره قال اتركه حتى يستريح ومتى استيقظ أخبرته,فلما استيقظ موسى نسي الغلام أن يخبره انه فقد الحوت ونسي موسى أن يسأله عن الحوتفَلَمَّا بَلَغَا مَجْمَعَ بَيْنِهِمَا نَسِيَا حُوتَهُمَا فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ سَرَبًا ﴿61﴾

الكهف: ٦١   نسب  الله تعالى النسيان إلي موسى والغلام أما الغلام فقد نسي أن يخبر موسى كما كلفه وأما موسى فقد نسي بعد أن استيقظ أن يسأل الغلام عن الحوت قال النبي صلى الله عليه وسلم (فسارا ًيومهما)أو بقية يومهما (وليلتهما) مشياً ًبقية النهار والليلة التي استقبلاها.معنى ذلك أنهما قطعا مسافة طويلة وبُعدا عن هذا المكان بُعداً شاسعاً.قال العلماء في طلب موسى عليه السلام من الغلام أن يأتي بغدائهما فَلَمَّا جَاوَزَا قَالَ لِفَتَاهُ آتِنَا غَدَاءَنَا لَقَدْ لَقِينَا مِنْ سَفَرِنَا هَٰذَا نَصَبًا ﴿62﴾الكهف: ٦٢  في ذلك تواضع موسى حيث لم يقل للفتى آتني غدائي ولم يقل أحضر لي الطعام وإنما قالﭕ  ﭖ  الكهف: ٦٢   فيستفاد من ذلك يجب إكرام الخادم وان يحسن معامله وأن يطعمه مما يأكل وأن يكسوه مما يكسى.

ويستفاد هنا من رحلة موسى عليه السلام ومعه خادمه:

1-وأنه أخذ معه حوتاً نستفيد من ذلك وجوب التزود للسفر.

2- وأخذ بالأسباب وعدم التوكل على الله فقط بل على من أراد السفر تزود بمال والطعام والشراب ويتوكل على الله ولا يترك التزود ولا يترك لأخذ بالأسباب وأخذ بالأسباب لاينا في التوكل على الله ويقال( كان بعض حجاج اليمن إذا خرجوا إلي الحج لا يتزودون لسفرهم ويقولون نحن ضيوف الرحمن يطعمنا ويسقينا فأنكر الله تبارك وتعالى عليهم هذا وأمر بالتزود في سفرهم للحج  ) ونزل قوله تعالى الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ ۚ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ ۗ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ ۗ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَىٰ ۚ وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ ﴿197البقرة: ١٩٧  وأيضا كصاحب الإبل التي أراد إن يتركها ولم يعقلها فقال النبي صلى الله عليه وسلم أعقلها وتوكل.

3- ونستفيد أيضا من قصة موسى عليه السلام مع فتاه جواز اصطحاب الخادم في السفر ليكون عوناً لمخدومة يساعده فيما يشق عليه. فنسي الفتى أن يذكر موسى لما فقد الحوت  فَلَمَّا بَلَغَا مَجْمَعَ بَيْنِهِمَا نَسِيَا حُوتَهُمَا فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ سَرَبًا ﴿61

الكهف: ٦١   أن الغلام نسي أن يخبر موسى بما كلفه به فاتخذ الحوت سبيله في البحر سرباً هناك تذكر الفتى انه أن يقول لموسى انه فقد الحوت متى؟ متى تذكر الفتى بعد أن مشايا مسافة يوم وليله وشق عليهما السفر واحتجا إلي الطعام،

4- نسب النسيان إلي الشيطان فالنسيان الذي ضد الذكر يتسلط على الإنسان بسبب الشيطان ويتخبط به كما قال الله تعالىوَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّىٰ يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ ۚ وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلَا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَىٰ مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ ﴿68﴾

الأنعام: ٦٨    أي إذا جلست مع الذين يخوضون في آياتنا وأنساك الشيطان بعد أن تتذكر أن تنصرف عن مجالسة الذين يخوضون في آيات الله وقال الله تعالى وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّىٰ يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ ۚ إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ ۗ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا ﴿140﴾  النساء: ١٤٠  

**تجنب المجالس الغيبة والمجالس النميمة ومجالس السوء ومجالس التي يُعصى فيها الله تعالى .

حكي أن شيخ الإسلام أبن تيمية رحمه الله أنه أُتي عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه بقوم قد شربوا الخمر فقال : اجلدوهم  حد الشرب فقالوا أن كان فيهم فلاناً كان صائماً قال: به فابدؤوا ، ابدؤوا بهذا الصائم في الجلد أولاً ،كان صائماً فلماذا جالس الذين يشربون الخمر ؟؟؟؟ به فابدؤوا .

قال موسى قَالَ ذَٰلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِ ۚ فَارْتَدَّا عَلَىٰ آثَارِهِمَا قَصَصًا ﴿64 الكهف: ٦٤ يقال أن موسى عليه السلام حين بدا في السفر توجه قصداً الرجل الذي هو أعلم منه إلي أن وصل إلي مجمع البحرين وإلي أن وصل إلي الصخرة التي ناما عندها قيل أنه طول المسافة لم يتعب موسى عليه السلام ولم يشق عليه السفر لا هو ولافتاه وأن الله يسر له السفر ويقال كان عند الصخرة من هو أعلم منه ولكن عندما نسي الفتى أن يذكر ه  ويقال إن المسافة الثانية التي مشها موسى مع فتاه من مجمع البحرين بعد أن ناما إلي أن شعرا بتعب والجوع وهذه هي المسافة التي أجهدت موسى وفتاه وشق عليهما السفر ، فا العلماء استدلوا به على أن موسى في بداية سفره وخروجه بنيه طلب العلم ورجل الذي هو أعلم منه وأن طلب أن يستزيد في طلب العلم الله جل وعلا يسر له هذا السفر ووصل إلي مجمع البحرين ولم يجد موسى عليه السلام مشقة والتعب في سفره منذ خرج لأنه حين خرج أول ما خرج في سبيل الله طالباً للعلم والاستزادة منه فيسر الله عليه سفره وهون عليه سفره وطوى عنه البعد فلما جاوزا المكان الذي سيتعلم منه وجدا من السفر الثاني التعب والمشقة. وقيل أن السبب هذا أن الملائكة وضعت أجناحتها له  لان الملائكة تضع أجناحتها لطالب العلم رضاً لما يصنع  ، وبعد ترك مجمع البحرين الرجل الذي هو اعلم منه مشى ما يقرب يوم وليلة و بعدها شعر بتعب والمشقة .

قَالَ ذَٰلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِ ۚ فَارْتَدَّا عَلَىٰ آثَارِهِمَا قَصَصًا ﴿64الكهف: ٦٤   أن الحوت أصابه رشاش من ماء اضطراب وظفر إلي البحر و تخذ سبيله في البحر سربا ًوكان ذلك ا لأمر إلي فتى موسى عجبا فعندما علما موسى عليه السلام بأمر قَالَ ذَٰلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِ ۚ فَارْتَدَّا عَلَىٰ آثَارِهِمَا قَصَصًا ﴿64 الكهف: ٦٤  إي أن هذا الأمر أمر فقد الحوت هو الذي كنا نطلبه وهو الذي سعيناً من أجله وخرجنا من أجله لان الله تعالى عندما أوحى لموسى أن يأخذ الحوت معه ليصل إلي الرجل الذي هو اعلم منه قال له حيث  ما فقدت الحوت فهنا الرجل فكان ينتظر الوقت الذي يفقد فيه الحوت حتى يلقى الرجل الذي هو أعلم منه. قَالَ ذَٰلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِ ۚ فَارْتَدَّا عَلَىٰ آثَارِهِمَا قَصَصًا ﴿64الكهف: ٦٤  إي رجعا يقتصان ويتتبعان  آثار أقدامهما في الرمال حتى لا يضلا الطريق فينحرفا عن تلك الصخرة في مجمع البحرين التي ناما عندها موسى ونتفض الحوت إلي البحر .

***********************************