الجمعة، 16 ديسمبر 2011

أهمية الإسناد

أهمية الإسناد
الحمد لله رب العالمين، الحمد لله الذي رفع منزلة العلماء حيث قال جل في علاه يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ ، وسهّل لطالب العلم طريقا إلى الجنة كلما سلك طريقا إلى العلم، كما ورد عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ  فلله الحمد كثيرا كما انعم كثيرا. وأشهد أن لا إله إلا اله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله أرسله رحمة للعالمين بشيرا ونذيرا، وداعيا الى الله باذنه وسراجا منيرا.. صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن سار في دربه الى يوم الدين.
أما بعد: فأسأل الله جل وعلا أن يجعلني وإياكن ممن صلحت له الأقوال والأعمال، صلُح له قول اللسان وقول القلب، واستقام له عمل القلب وعمل الجوارح، كما أسأله سبحانه الإخلاص في القول والعمل، فعلى طالب العلم أن يقصد بطلبه للعلم وجه الله والدار الآخرة، وذلك لأن طلب العلم الشرعي عبادة والعبادة لا بد لقبولها من الإخلاص.وأن يجعلنا مباركين معلّمين للخير مفتحين أسبابه أينما كنّا، إنه سبحانه جواد كريم.
أمرنا الله سبحانه وتعالى بعبادته واتباع النبي صلى الله عليه وسلم ولاتكون هذه العبادة والإتباع إلا بمعرفة ما أمر الله به وما سنه رسول الله صلى الله عليه وسلم وطريق معرفة ذلك هو الرسول الكريم عليه من الله الصلاة والسلام فلا بد لنا من اتصال بالنبي صلى الله عليه وسلم وهذا الاتصال يكون بالوسائط التي نقلت لنا أقواله وأفعاله وتقريراته وصفاته صلى الله عليه وسلم لذا بيّن النبي صلى الله عليه وسلم للصحابة الكرام رضي الله عنهم هذا الأمر فقال :"تسمعون ويسمع منكم ويسمع ممن سمع منكم "(
وهذا الحديث دل على مسألة التسلسل في العلم وأنه ينقل جيلا بعد جيل إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.
فكان النبي صلى الله عليه وسلم يلقي كلامه للصحابة فقام الصحابة بنقل كلام الرسول صلى الله عليه وسلم وأفعاله وتقريراته إلى من بعدهم من التابعين وقام التابعون بنقل هذا إلى من بعدهم وهكذا تناقلوا كلام الرسول صلى الله عليه وسلم جيلا بعد جيل حتى وصل إلى يومنا هذا .
وهكذا فكلما تباعد الزمن بيننا وبين النبي صلى الله عليه وسلم كلما ازداد احتياجنا لهذا العلم ، وصار الاهتمام بنقلة الحديث اهتمام بالحديث نفسه ، وأهمية إسناد الحديث من أهمية الحديث فبرز علم رواية الحديث عند علمائنا الكرام لضرورة المحافظة على نقاء السلسلة الموصولة لمتن الحديث وبرز علم الجرح والتعديل للنظر في أحوال الرواة من حيث القبول والرد.
الأسانيد ومفردها الإسناد هو سلسلة الرجال أو الرواة الذين ينقلون القرآن أوالحديث أو الخبر كل راو عمن فوقه إلى منتهى السند أي إلى القائل أوالفاعل، وبحمد الله تعالى امتازت هذه الأمة بالأسانيد وهي السبب الذي حفظ الله تعالى به دينه وكتابه وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم .
الأسانيد مهمة جداا في نقل القرآن الكريم الينا والأصل في القرآن الكريم ماكان في الصدور وهذا لايعني انه ماكان في السطور غير مهم لالا .. مهم أيضا  ولاشك أن أهمية الأسانيد:
1-        هي أن الإنسان تطمئن نفسه الإطمئنان التام بأن هذا القرآن محفوظ قد حفظه الله تعالى.
2-        وكذلك حفظ رسم المصحف الذي رسم في زمن النبي صلى الله عليه وسلم .
3-        وعدم اختلاف أهل العلم في نقله.
لو أن أحدنا التقى بشيخ كبير مثلا أو شخص له مقام كبير أو تراسل معه وتواصل ألا يفتخر بذلك؟
فكيف بمن عنده اسناد من رب العزة ؟؟!!! متصل برب العالمين  يعني أنا لو عندي اسناد بالقرآن الكريم أنقله عن فلان وعن فلان وفلان وفلان ... عن رسول الله صلى الله عليه وسلم عن جبريل عن رب العالمين . هل هناك شرف أعظم من هذا الشرف ،شرف عظيم جدااا، الأنسان عنده إسناد عن رب العزة يتلقاه عن شيوخه الى النبي صلى الله عليه وسلم الى جبريل الى رب العزة سبحانه وتعالى.فالأسانيد مهمة  فعندما نقول أن القرآن متواتر نقل الينا بالتواتر مامعنى ذلك؟؟ هو أن ينقله جمع عن جمع كلهم عدول وثقات لايتواطؤا على الكذب ، ونلاحظ كلما كثرت هذه الأسانيد مع كثرتها عدم أختلافها ماذا يدل هذا ؟؟ يدل على أنه صحيح .
الإسناد خصيصة لهذه الأمة، لا يوجد عند أمة من الأمم شيء اسمه الإسناد إلا هذه الأمة فهو مزية لها ، قال شيخ الإسلام ابن تيمية "وعلم الإسناد والرواية مما خص الله به أمة محمد وجعله سلما إلى الدراية فأهل الكتاب لا إسناد لهم يأثرون به المنقولات وهكذا المبتدعون من هذه الأمة أهل الضلالات وإنما الإسناد لمن أعظم الله عليه المنة أهل الإسلام والسنة يفرقون به بين الصحيح والسقيم والمعوج والقويم ، وغيرهم من أهل البدع والكفار إنما عندهم منقولات يأثرونها بغير إسناد وعليها من دينهم الاعتماد وهم لا يعرفون فيها الحق من الباطل ولا الحالي من العاطل" وقال أيضا :"الإسناد من خصائص هذه الأمة وهو من خصائص الإسلام ثم هو في الإسلام من خصائص أهل السنة"
وقال أبو حاتم الرازي: "لم يكن في أمة من الأمم منذ خلق الله آدم أمناء يحفظون آثار الرسل إلا هذه الأمة".
قال الحافظ السخاوي: "الإسناد خصيصة فاضلة من خصائص هذه الأمة، و سنة بالغة من السنن المؤكدة .
وروي عن ابن عباس قال: سمعت محمد بن حاتم بن المظفر يقول: إن الله قد أكرم هذه الأمة و شرفها وفضلها بالإسناد، و ليس لأحد من الأمم كلها قديما وحديثا إسناد، و إنما هي صحف في أيديهم، و قد خلطوا بكتبهم أخبارهم، فليس عندهم تمييز بين ما نزل من التوراة والإنجيل وبين ما ألحقوه بكتبهم من الأخبار التي أخذوها عن غير الثقات، و هذه الأمة إنما تنص الحديث عن الثقة المعروف في زمانه المشهور بالصدق والأمانة عن مثله حتى تتناهى أخبارهم، ثم يبحثون أشد البحث حتى يعرفوا الأحفظ فالأحفظ، فالأضبط فالأضبط، و الأطول مجالسة فمن فوقه عمن كان أقل مجالسة، ثم يكتبون الحديث عن عشرين وجها أو أكثر حتى يهذبوه من الغلط و الزلل، و قد يضبطون حروفه و يعدونه عدا، فهذا من فضل نعم الله على هذه الامة".
و قال ابن المبارك: "الإسناد من الدين و لولا الإسناد لقال من شاء ما شاء" و قال أيضا : "مثل الذي يطلب أمر دينه بلا إسناد كمثل الذي يرتقي السطح بلا سلم".
قال الشافعي: مثل الذي يطلب العلم بلا إسناد مثل حاطب ليل يحمل حزمة حطب فيها أفعى تلدغه وهو لا يدري .
وفي قصة جميلة أن الإمام الحافظ الزهري حدّث يوما حديثا بإسناد، فقال له سفيان بن عيينة: يا إمام هاتِهِ بلا إسناد، فقال الزهري: أترقى السطح بلا سُلّم ؟! هكذا كان اهتمام السلف واستشعارهم أهمية الإسناد، وقال سفيان الثوري: الإسناد سلاح المؤمن فإذا لم يكن معه سلاح فبأي سلاح يقاتل.
قال ابن سيرين رحمه الله: لم يكونوا يسألون عن الإسناد، فلما وقعت الفتنة قالوا: سموا لنا رجالكم، فينظر إلى أهل السنة فيؤخذ حديثهم وينظر إلى أهل البدع فلا يؤخذ حديثهم.
وقال يزيد بن زريع: لكل دين فرسان وفرسان هذه الدين أصحاب الأسانيد .
وأقوال السلف في بيان أهمية الإسناد وخصوصية الأمة ،  كثيرة جدا بل إن الإسناد وما تفرع عنه يعد من أعظم إنجازات المسلمين في مجال البحث العلمي.
الإسناد: هو الإخبار عن طريق المتن أو حكاية رجال الحديث.
السند: هو الطريق الموصل إلى المتن، أي رجال الحديث، وسموه بذلك لأنهم يسندونه إلى مصدره.
المتن: هو ما انتهى إلى السند.
ورد في صحيح البخاري: حدثنا الحميدي قال: حدثنا سفيان: قال حدثنا يحيى بن سعيد الأنصاري قال: أخبرني محمد بن إبراهيم التيمي أنه سمع علقمة بن وقاص يقول: سمعت عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( إنما الأعمال بالنيّات ، وإنما لكل امريء مانوى ، فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله ، فهجرته إلى الله ورسوله ، ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها ، أو امرأة ينكحها ، فهجرته إلى ما هاجر إليه ) . رواه البخاري و مسلم في صحيحهما .
السند هو "سلسلة الرواة الموصلة إلى المتن"
فيكون سند الحديث أعلاه هو : ( حدثنا الحميدي قال: حدثنا سفيان: قال حدثنا يحيى بن سعيد الأنصاري قال: أخبرني محمد بن إبراهيم التيمي أنه سمع علقمة بن وقاص يقول: سمعت عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول )
واما المتن هو كلام الرسول صلى الله عليه وسلم أو ماينتهي إليه الإسناد "
فيكون المتن هنا هو : "( إنما الأعمال بالنيّات ، وإنما لكل امريء مانوى ، فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله ، فهجرته إلى الله ورسوله ، ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها ، أو امرأة ينكحها ، فهجرته إلى ما هاجر إليه )
المخرج (بضم الميم وكسر الراء): ذكر رواته، فالمخرج هو ذاكر رواة الحديث كـالبخاري والإمام مسلم.
المحدث (بضم الميم وكسر الدال): هو العالم بطرق الحديث وأسماء الرواة والمتون فهو أرفع من المسند.
الحافظ: هو من حفظ مائة ألف حديث متنا واسنادا ووعي ما يحتاج إليه.
الحجة: هو من أحاط بثلاثمائة ألف حديث.
الحاكم: هو من أحاط لجميع الأحاديث المروية متنا وإسنادا وجرحا وتعديلا وتاريخا.
الحديث رواية : هو دراسة ما يتعلق بإسناد الحديث من ناحية معرفة أحوال رجال الإسناد، وسماع بعضهم من بعض،والاختلاف الحاصل بينهم ونحو ذلك.
حديث دراية: هو ما يتعلق بفقه الحديث ومعناه .
رواية الحديث
السماع بأن يقرأ الشيخ الحديث من حفظه أو من كتابه والحضور يسمعون لفظه ، أو يقرأ أحدهم على الشيخ وهو يصغي لقراءته والحضور يستمعون له .
 أوأن يجيز الشيخ لشخص أو أشخاص معينين ممن وثق بأهليتهم للتحمل أن يرووا عنه ما أجازهم به ، ويسمى ذلك إجازة .
 أو أن يعطي التلميذ حديثاً أو أحاديثاً أو كتاباً ويقول له أرو عني هذا ويسمى ذلك مناولة .
 أو أن يكتب العالم بخطه أو يكلف من يكتب عنه لمن يثق بأهليته للتحمل ويأذن له بالرواية عنه ويسمى ذلك كتابة .
 أو يوصي قبل سفره أو قبل موته بكتاب من مروياته لشخص يرويه عنه ويسمى ذلك الوصية .
 أو أن يجد شخص كتاباً بخط من عاصره وعرف خطه ووثق بصحة نسبة الكتاب إليه فرواه عنه ويسمى ذلك وجادة .
 فهذه أنواع طرق التحمل .
وقد وضع العلماء والمحدثون قواعد وضوابط لنقل الأحاديث والأخبار كما وضعوا شروطا يجب أن تتوفر في الراوي كالضبط والعدالة حتى يقبل خبره واشترطوا اتصال السند وسلامة الخبر من الشذوذ والعلة، لما جمع الإمام مسلم في كتابه الصحيح جملة عظيمة من الأحاديث الصحيحة وضع له مقدمة طيبة نافعة وذكر فيها آثارا واقوالاً لبعض أئمة الإسلام والمسلمين الذين بينوا أهمية الأسانيد قال رحمه الله تعالى:باب بيان أن الإسناد من الدين وأن الرواية لا تكون إلا عن الثقات وأن جرح الرواة بما هو فيهم جائز بل واجب وأنه ليس من الغيبة المحرمة بل من الذب عن الشريعة المكرمة.
فالكلام في الشريعة وبيان حكمها واستنباطها وتمييز ضعيفها من صحيحها ليس من قبيل الثقافة العامة التي يتناولها الكتاب والمفكرون والمثقفون والشعراء بالنقد والتعليق كما يتناولون نقد القصيدة والمقالة، هي مسألة علمية تتعلق بدين الله عز وجل، لا يجوز أن يتكلم أحد بدين الله عز وجل إلا بعلم،  لذلك الله عز وجل لما ذكر المحرمات جعل من أشد المحرمات القول على الله بغير علم،ولإبن القيم كلام جميل يقول فيه: وقد حرّم الله القول عليه بغير علم في الفتيا والقضاء وجعله من أعظم المحرمات، بل جعله في المرتبة العليا منهاكما قال تعالى:  قل إنما حرّم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والإثم والبغي بغير حق وأن تشركوا بالله ما لم ينـزّل به سلطانا وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون.
فوائد التخريج ودراسة الأسانيد
وأهم فوائد التخريج هو دراسة الأسانيد، لوسمعنا حديثا يُروى عن النبي صلى الله عليه وسلم: حدثنا يعقوب بن كعب الأنطاكي ومؤمل بن الفضل الحراني قالا حدثنا الوليد عن سعيد بن بشير عن قتادة عن خالد قال يعقوب بن دريك عن عائشة رضي الله عنها أن أسماء بنت أبي بكر دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليها ثياب رقاق فأعرض عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: "يا أسماء إن المرأة إذ بلغت المحيض لم تصلح أن يري منها إلا هذا وهذا" وأشار إلى وجهه وكفيه. ؛ أخرجه أبو داود في سننه، كتاب اللباس، باب: فيما تبدي المرأة من زينتها (4/62 رقم 4104) :
نريد أن نعرف هل هذا الحديث صحيح أو غير صحيح، لو بحثنا في الكتب التسعة لوجدنا أن الذي رواه هو أبو داود فقط أخرجه في سننه دون بقية أصحاب الكتب التسعة، ورأينا أن الإمام أبو داود – رحمه الله – لما روى هذا الحديث بيّن علّته، فقال: هذا مُرسلٌ خالد بن دُريْك لم يدرك عائشة رضي الله عنها. فهو منقطع والمنقطع عند أهل العلم لا يحتج به يسمى ضعيفاً، وفي إسناده رجل ضعيف يقال له سعيد بن بشير لا يحتج به أيضاً.
والمرسل الذي ما فيه صحابي ورواة التابعين عن النبي -صلى الله عليه وسلم- يسمى مرسلاً وهو ضعيف لا يحتج به، إلا إذا كان مراسيل إثنين فإكثر تكون من باب الحسن، يعوض بعضها بعضاً، أما مرسل واحد فلا يحتج به ضعيف، كأن يروي الحسن البصري عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، أو سعيد بن جبير عن النبي -صلى الله عليه وسلم- يعني بعض التابعين عن النبي -صلى الله عليه وسلم- هذا يسمى مرسل، وقيل أن  هناك عللا أخرى منها أن سعيد بن بشير راوي عن قتادة خالفه هشام الدستوائي وهشام الدستوائي هو من أوثق طلاب قتادة بن دعامة السدوسي.
وقال الحافظ ابن حجر عنه : " ضعيف "
وقيل أيضا أن سعيد بن بشير عنده ضعف ومنكرات نص عليها النقاد كأحمد وغيره، وهناك علة رابعة:  قيل أن الذي يروي الحديث عن سعيد بن بشير هو الوليد بن مسلم وهو معروف بالتدليس وهنا لم يصرح بالتحديث، والمدلِّس لا بد أن يصرّح بالتحديث، فهنا عنعنة الوليد بن مسلم هذه علة.
التدليس في اللغة من الدلسة وهي الظلمة ، بمعنى المخادعة بكتمان شيء وإظهار شيء ، والدلس اختلاط الظلام بالنور.
ولكن في مصطلح الحديث أن يحدّث الرجل عن شيخ قد لقيه وأدرك زمانه ، وأخذ عنه ، وسمع منه ، وحدث عنه بما لم يسمع منه ، بلفظ يوهم السماع كـ " عن فلان " أو " قال فلان " ، وسُمي هذا بالتدليس لاشتراكه مع المعنى اللغوي في الخفاء في كل منهما .  عندما يوصف المحدث بالتدليس قد لايقصد به بالضرورة تعمد المخادعة وكتمان الصواب ، وإن كان قد يحصل ذلك من بعض الرواه عمدا .
وهناك علة أخرى وهي أن هذا الحديث لو صح لكان محمولاً على ما كان قبل الحجاب؛ لأن المرأة قبل الحجاب كانت تبدي وجهها وكفيها ثم نسخ ذلك بقوله تعالى: وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعاً فَاسْأَلوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ..(الأحزاب: من الآية53)، وبقوله سبحانه-: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ.. (الأحزاب:59)، وبقوله سبحانه- في سورة النور: وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ...الآية(النور: من الآية31) فليس لهن إبداء الزينة لغير المحارم، والوجه من أعظم الزينة.
والعلة الأخيرة وهي أن مثل هذا العمل لا يظن بأسماء -رضي الله عنها- فإنها امرأة صالحة فقيهة معروفة وهي أخت عائشة الكبرى، وهي زوجة الزبير بن العوام حواري الرسول -صلى الله عليه وسلم- وهو أحد العشرة المشهود لهم بالجنة، فلا يليق منها بعد الحجاب أن تدخل على النبي -صلى الله عليه وسلم- في ثياب رقيقة أو مكشوفة الوجه واليدين، فهذا مما يبين عدم صحة هذا الحديث وأنه ضعيف جداً من وجوه كثيرة ولا أساس له، وأنه معلول بعلل متعددة، وأن الواجب على من يذكره في أي كتاب أن يبين ضعفه، وأنه لا يصلح أن يحتج به لأن في سنده انقطاعاً وضعفاً يوجب عدم الاحتجاج به وعدم الاعتماد عليه.
والله تعلى أعلى وأعلم.
الشاهد هنا، أن هذا المثال أبرز لنا فوائد التخريج، فمن ثمار التخريج ودراسة الأسانيد ما يلي:-
تمييز الصحيح في الأحاديث من ضعيفها، وهذا أمر مهم جدا، كيف نبني أحكاما فقهية على حديث ضعيف أو موضوع أو منكر، كيف نفسر آية من كتاب الله عز وجل لحديث ضعيف أو منكر؟ كيف نذكر حكما عقديا لحديث ضعيف أو موضوع؟! فتمييز الحديث صحيحه من ضعيفه هذا من أهم ثمار التخريج.
ودراسة الأسانيد هي روح التخريج، لأن التخريج الآن اصبح الأمر السهل، في هذا الزمان فالبرامج الحاسوبية كفت المؤونة على الناس فاستطاع أي واحد الصغار والكبار والرجال والنساء أن يخرّجوا، ولكن دراسة الأسانيد التي هي روح التخريج هذه التي لا يتقنها إلا طالب العلم المتخصص ، فهي مهمة جدا ، دراسة الأسانيد مع التخريج، لا ينفكان عن بعضهما البتة.
الحث على الرحلة وطلب علو الإسناد
أصبح طلب علو الإسناد سنة عند علماء السلف ولهذا حرصوا على الرحلة إليه واستحبوها، وحثوا طلاب العلم على ذلك:
فعن عبد الله بن أحمد بن حنبل قال: سمعت أبي يقول: طلب علو الإسناد من الدين.
وعن أبي العالية قال: كنا نسمع بالرواية عن أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالمدينة بالبصرة، فما نرضى حتى أتيناهم فسمعنا منهم.
وعن عامر الشعبي قال: لو أن رجلاً سافر من أقصى الشام إلى أقصى اليمن فحفظ كلمة تنفعه فيما يستقبله من عمره رأيت أن سفره لا يضيع.
وقيل ليحيى بن معين في مرض موته: ما تشتهي؟ قال: بيت خالي وإسناد عالي.
ولله در القائل: والأسانيد متى خفيت اختلط صادق الأنباء بكذبها،وصحيح الأخبار بضعيفها،والتبس الحق بالباطل،فَصُوِّرَ في الأذهان مالم يكن،ومُثل في العقول مالم يقع،وأخطأ اللاحق سنة السابق،وضل الآخر سبيل الأول،وتشعب الرأي،وافترق النظر،وكثرت المذاهب،فشاع الخلاف،وعمَّت الفرقة،لايذهل عن ذلك عاقل،ولا يرتاب فيه عالم.
والإسناد في هذه الأمة لا يتعلق بالقرآن الكريم والحديث الشريف بل تعداه إلى أسانيد الكتب فهناك الأسانيد لكتب العلم مثل كتب التفاسير وكتب الفقه وكتب العقيدة والتوحيد وكتب اللغة وما إلى ذلك في سائر العلوم والفنون وهذه الأسانيد كانت أنساب الكتب كما قال الحافظ ابن حجر رحمه الله في شرح صحيح البخاري وبقاء هذه السلسلة باق ما بقيت هذه الأمة ولله الحمد والمنة .
وآخر دعوانا  أن الحمد لله رب العالمين
سبحانك اللهم وبحمدك نشهد أن لا إاله إلا أنت نستغفرك ونتوب اليك
    إعداد وتقديم
الفقيرة الى رحمة ربها
مفيدة محمد زكي البكر
أم أيمن
2/12/ 2011 الموافق 7/1/1433
ألقيت في صالة ليالي الشرق بمناسبة حفل تخريج طالبات إجازة صحيح مسلم والأربعين النووية وثلاثيات البخاري والشمائل المحمدية
عمان / الأردن

الاثنين، 5 ديسمبر 2011

المعازف الغناء



السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وبعـــــــــــــــــــد
فإن دنيانا أصبحت غناء في غناء ولهو في لهو ولعب في لعب وحدث ولا حرج ، فا للهم ارفع الغمة وقوى الهمة ، واجعلنا من عبادك المخلصين الذين يصلحون عند فساد الناس ، والذين يُصلحون ما أفسده الناس ، اللهم قوى حجتنا وأخلص نيتنا وعلمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا واجعلنا هداة مهتدين غير ضالين ولا مضلين . اللهم آمين
أتذكَّرُ يوما كنت في طريقي إلى طلاب إجازة حفص بالمعاهد الأزهرية لأشرح لهم في علم التجويد ــ اللحن ــ وأنا في السيارة التى أستقلها رفع السائق صوت المذياع على أغنية من الأغنيات وما تعودت أذني على سماع ذلك فأخذني الضيق وتأملت حالنا ماذا لو كانت هذه الدقائق آخر أوقاتنا في الدنيا أنقبض ونحن في هذا الجو الماجن ، ثم تأملت كلمات ليس لها معنى ، وآلات تدق بلا معنى ، ثم توقفت عند مسمى ما تفعله هذه الآلات ـــ إنه اللحن ــ يا الله يا لله يا لله ، أراد الله أن يجعل الدليل على بطلان حجية القائلين بتحليل المعازف من أفواههم ، فاللحن في اللغة : هو الخطأ والميل عن الصواب . الله أكبر كبيرا والحمد لله وكثيرا ، ثم كانت أول كلماتي في الشرح هو ما قلته الآن .
فالعجب العجيب أن هناك أناسا يناطحون الصخر فيحلون الغناء والمعازف بعضها أو كلها ، (كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِنْ يَقُولُونَ إِلَّا كَذِبًا ،) وإني أعلم أن هناك علماء يستند إليهم الناس على تحليل الغناء والمعازف بعضها أو كلها ، ولكن أقول ماذا فعلت الأمة وهى تغنى لأكثر من ثلاثة قرون على الأقل ، سقطت الخلافة الإسلامية ، وتفككت الدولة الإسلامية إلى دويلات صغيرة ، تناحرت هذه الدويلات حتى إنها عرضة لأن تقسم مرة أخرى ، وأصبح البأس بينهم شديد ، امتلأ الناس بالهم والغم ، فأين الغناء الذي يفرح القلوب ، متى نعود إلى كتاب الله فهو الحبل المتين ، و صراط الله المستقيم ، فرحة القلب ، ومذهب الهم والغم ، يا قومنا أجيبوا داعي الله .
يا من تجيبون داعي الله أقول لكم كما قال الله لنبيه : { فَأَعْرِضْ عَنْ مَنْ تَوَلَّى عَنْ ذِكْرِنَا وَلَمْ يُرِدْ إِلَّا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا (29) ذَلِكَ مَبْلَغُهُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اهْتَدَى (30) } سورة النجم
وإليكم المسألة بحول الله وحده
قال الله تعالى : { وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآَدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ قَالَ أَأَسْجُدُ لِمَنْ خَلَقْتَ طِينًا (61) قَالَ أَرَأَيْتَكَ هَذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ لَئِنْ أَخَّرْتَنِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إِلَّا قَلِيلًا (62) قَالَ اذْهَبْ فَمَنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ فَإِنَّ جَهَنَّمَ جَزَاؤُكُمْ جَزَاءً مَوْفُورًا (63) وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ وَأَجْلِبْ عَلَيْهِمْ بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ وَشَارِكْهُمْ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ وَعِدْهُمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا (64) إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ وَكَفي بِرَبِّكَ وَكِيلًا (65)} سورة الإسراء
قال الطبري و به قال ابن كثير : اختلف أهل التأويل في الصوت الذي عناه جلّ ثناؤه بقوله(وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ ) فقال بعضهم عنى به : صوت الغناء واللعب .
قال ابن الجوزي في زاد المسير : وفي المراد بصوته قولان . أحدهما : أنه كل داعٍ دعا إِلى معصية الله ، قاله ابن عباس . والثاني : أنه الغناء والمزامير ، قاله مجاهد .
وقوله تعالى : { فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا (59) إِلَّا مَنْ تَابَ وَآَمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ شَيْئًا (60) جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدَ الرَّحْمَنُ عِبَادَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّهُ كَانَ وَعْدُهُ مَأْتِيًّا (61) لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا إِلَّا سَلَامًا وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيهَا بُكْرَةً وَعَشِيًّا (62)} سورة مريم
وقال ابن الجوزي : قوله تعالى : { واتَّبَعوا الشهوات }
 قال أبو سليمان الدمشقي : وذلك مثل استماع الغناء ، وشرب الخمر ، والزنا ، واللهو ، وما شاكل ذلك مما يقطع عن أداء فرائض الله عز وجل .
وقوله تعالى : { وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا (72)} سورة الفرقان
قال محمد بن الحنفية ومكحول ــ الزور ــ : هو وروى ليث عن مجاهد قال : لا يسمعون الغناء .
راجع زاد المسير وتفسير الطبري
وقال تعالى : { وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُوًا أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ (6) } سورة لقمان
كان ابن مسعود يقول ــ لهو الحديث ـــ : هو الغناء والذي لا إِله إِلا هو ، يُردِّدها ثلاث مرات ، وبهذا قال ابن عباس ، ومجاهد ، وسعيد بن جبير ، وعكرمة ، وقتادة .

وروى ابن أبي نجيح عن مجاهد ، قال : اللهو : الطبل . راجع زاد المسير
وقوله تعالى : { أَفَمِنْ هَذَا الْحَدِيثِ تَعْجَبُونَ (59) وَتَضْحَكُونَ وَلَا تَبْكُونَ (60) وَأَنْتُمْ سَامِدُونَ (61) فَاسْجُدُوا لِلَّهِ وَاعْبُدُوا (62) } سورة النجم
روى عكرمة عن ابن عباس قال : السمود هو الغِناء ، وهي لغة يمانية ، يقولون : اسْمُد لنا ، أي : تَغَنَّ لنا . وقال عكرمة : هو الغِناء بلغة حمير . راجع زاد المسير
وهكذا أجمع علماء التفسير على أن الغناء والمعزف من عمل الشيطان .
وروى أبو داود في سننه بسند صححه شيخنا العلامة الألبانى عن نافع قال : " سمع ابن عمر مزمارا قال فوضع إصبعيه على أذنيه ونأى عن الطريق وقال لي يا نافع هل تسمع شيئا قال فقلت لا قال فرفع إصبعيه من أذنيه وقال كنت مع النبي rفسمع مثل
 هذا فصنع مثل هذا " .
وعند البخاري في الأدب المفرد بسند صححه سيخنا العلامة الألبانى من حديث بن عباس : { ومن الناس من يشتري لهو الحديث قال : الغناء وأشباهه } .
أما ما رواه البخاري ومسلم من حديث عائشة رضي الله عنها : أن أبا بكر دخل عليها والنبي rعندها يوم فطر أو أضحى وعندها قينتان تغنيان بما تقاذفت الأنصار يوم بعاث فقال أبو بكر مزمار الشيطان مرتين فقال النبي r: { دعهما يا أبا بكر إن لكل قوم عيدا وإن عيدنا هذا اليوم  
يا أبا بكر ! إن لكل قوم عيدا ، و هذا عيدنا
الراوي: عائشة المحدث: الألباني - المصدر: صحيح الجامع - الصفحة أو الرقم: 7812
خلاصة حكم المحدث: صحيح
{ .
فقال شيخ الإسلام ابن تيمية : ففي هذا الحديث بيان : أن هذا لم يكن من عادة النبي r وأصحابه الاجتماع عليه ولهذا سماه الصديق مزمار الشيطان والنبي صلى الله عليه وسلم أقر الجواري عليه معللا ذلك بأنه يوم عيد والصغار يرخص لهم في اللعب في الأعياد كما جاء في الحديث { ليعلم المشركون أن في ديننا فسحة } " وكان لعائشة لعب تلعب بهن ويجئن صواحباتها من صغار النسوة يلعبن معها وليس في حديث الجاريتين أن النبي صلى الله عليه وسلم استمع إلى ذلك . والأمر والنهي إنما يتعلق بالاستماع ؛ لا بمجرد السماع . كما في الرؤية فإنه إنما يتعلق بقصد الرؤية لا بما يحصل منها بغير الاختيار . وكذلك في اشتمام الطيب إنما ينهى المحرم عن قصد الشم فأما إذا شم ما لم يقصده فإنه لا شيء عليه . وكذلك في مباشرة المحرمات كالحواس الخمس : من السمع والبصر والشم والذوق واللمس . إنما يتعلق الأمر والنهي من ذلك بما للعبد فيه قصد وعمل وأما ما يحصل بغير اختياره فلا أمر فيه ولا نهي . راجع مجموع الفتاوى
ولو سلَّمت أن الدف فيه جواز فهو جواز مقيد ، وقيده أن لا يضرب عليه إلا النساء ، ولا يضربن به إلا في حالات بعينها كالأعياد والأعراس ، وهو حرام مطلق إذا ضربه الرجال ، ولو ضربه الرجل وقع تحت محظور التشبه بالنساء .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية : وبالجملة قد عرف بالاضطرار من دين الإسلام : أن النبي r لم يُشرِّع لصالحي أمته وعبادهم وزهادهم أن يجتمعوا على استماع الأبيات الملحنة مع ضرب بالكف أو ضرب بالقضيب أو الدف . كما لم يبح لأحد أن يخرج عن متابعته وأتباع ما جاء به من الكتاب والحكمة لا في باطن الأمر ولا في ظاهره ولا لعامي ولا لخاصي ولكن رخص النبي rفي أنواع من اللهو في العرس ونحوه كما رخص للنساء أن يضربن بالدف في الأعراس والأفراح . وأما الرجال على عهده فلم يكن أحد منهم يضرب بدف ولا يصفق بكف بل قد ثبت عنه في الصحيح أنه قال : { التصفيق للنساء والتسبيح للرجال } { ولعن المتشبهات من النساء بالرجال ، والمتشبهين من الرجال بالنساء
  التسبيح للرجال ، و التصفيق للنساء
الراوي: جابر بن عبدالله المحدث: الألباني - المصدر: صحيح الجامع - الصفحة أو الرقم: 3015
خلاصة حكم المحدث: صحيح
. ولما كان الغناء والضرب بالدف والكف من عمل النساء كان السلف يسمون من يفعل ذلك من الرجال مخنثا ويسمون الرجال المغنين مخانيث وهذا مشهور في كلامهم . راجع مجموع الفتاوى
ولهذا فقد ثبت في الترغيب والترهيب بسند حسنه شيخنا العلامة الألبانى من حديث أنس بن مالك tقال : قال رسول الله r: { صوتان ملعونان في الدنيا والآخرة
مزمار عند نعمة ورنة
 عند مصيبة 
صوتان ملعونان في الدنيا والآخرة : مزمار عند نعمة ، ورنة عند مصيبة .
الراوي: أنس بن مالك المحدث: الألباني - المصدر: صحيح الترغيب - الصفحة أو الرقم: 3527
خلاصة حكم المحدث: حسن
 { .
قال السيوطي : اعلم وفقك الله لطاعته أن الأشعار التي ينشدها المغنون اليوم يصفون فيها المستحسنات، والخمر، والقَدّ، والعين، وغير ذلك، مما يحرك الطباع، ويخرجها عن الاعتدال، ويثير كامنها من حيث اللهو، وهو حرام.
قال الطبري رحمه الله : أجمع علماء الأنصار على كراهة الغناء، والمنع عنه. وهذا منعهم منه مع أنه كان في زمانهم منه ما يتعلق بالزهديات المليحة، فكيف لو رأوا ما أحدثوا في هذا الزمان فيه من الزيادات القبيحة. فاحذره يا أخي، واقتد بالسلف الصالح. فقد قال ابن عباس رضي الله عنه: الغناء يُنبتُ النفاق في القلب كما ينبت الماء البقل.
وسأل رجل القاسم بن محمد عن الغناء فقال: أنهاك عنه ، وأكرهه لك . فقال: حرام هو؟ فقال: يا أخي إذا ميّز الله الحق من الباطل في أيهما تجعل الغناء ؟
وكتب عمر بن عبد العزيز إلى مؤدب ولده: ليكن أول ما يعتقدون من أدبك. بغض الملاهي التي بدؤها من الشيطان، وعاقبتها سخط الرحمن، فإنه بلغني عن الثقات من حملة العلم أن حضور المعازف واستماع الأغاني واللهج بها ينبت النفاق في القلب كما ينبت العشب الماء. ولعمري لتوقي ذلك بترك حضور المواطن في قلبه.
وقال الفضيل بن عياض: الغناء رقية الزنا. وقال الضحاك: الغناء مفسدة للقلب، ومسخطة للرب.
وقال يزيد بن الوليد: يا بني أمية ، إياكم والغناء ،     فإنه يزيد الشهوة ،  
ويهدم المروءة
 وإنه لينوب عن الخمر، ويفعل ما يفعله السكرة.
وقال الإمام أحمد رحمه الله : الغناء ينبت النفاق في القلب. وسئل عن استماع القصائد، فقال: أكرهه، هو بدعة، ولا يجالسون. وقال: التغبير بدعة محدثة، وقال إسحق بن عيسى: سألت مالك بن أنس عما يترخص فيه أهل المدينة في الغناء، فقال: إنما يفعله عندنا الفساق .
وقال الطبري رحمه الله : أمَّا مالك فإنه نهى عن الغناء، وعن استماعه، وقال إذا اشترى الرجل جارية، فوجدها مغنية كان له ردها بالعيب.
وكان أبو حنيفة رضي الله عنه يكره الغناء، ويجعل سماع الغناء من الذنوب . وكذلك مذهب سائر أهل الكوفة، مثل: إبراهيم النخعي ، والشعبي ، وحماد ، وسفيان، وغيرهم . قال: ولا يعرف لهم مخالف في كراهة ذلك والمنع منه .
 وقال الشافعي رضي الله عنه: خلفت بالعراق شيئاً أحدثه الزنادقة يسمى التغيير يشغلون به الناس عن القرآن. وقال: الغناء هو مكروه يشبه الباطل . وقد كان أصحاب الشافعي ينكرون السماع .. راجع كتاب الأمر بالأتباع والنهي عن الابتداع للسيوطي

قال الترمذى في كتاب المنهيات : فالغناء مهيج للنفوس الأمارة بالسوء، الداعية إلى ركون الدنيا وشهواتها، الملهية عن ذكر الله، وعن ذكر ما أعد. فهذه النفوس أسود رابضة في عرينها، فإذا هيجت الأسود، فعارضها في ذلك الوقت معارض، كان حتفه فيه.
وقال الفضيل بن عياض رحمه الله : الغناء رقية الزنا.
فا للهم إنا نسألك سبيل الهدى والرشاد


===================

تدق بلا معنى ، ثم توقفت عند مسمى ما تفعله هذه الآلات ـــ إنه اللحن ــ يا الله يا لله يا لله ، أراد الله أن يجعل الدليل على بطلان حجية القائلين بتحليل المعازف من أفواههم ، فاللحن في اللغة : هو الخطأ والميل عن الصواب . الله أكبر كبيرا والحمد لله وكثيرا ، ثم كانت أول كلماتي في الشرح هو ما قلته الآن .
فالعجب العجيب أن هناك أناسا يناطحون الصخر فيحلون الغناء والمعازف بعضها أو كلها ، (كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِنْ يَقُولُونَ إِلَّا كَذِبًا ،) وإني أعلم أن هناك علماء يستند إليهم الناس على تحليل الغناء والمعازف بعضها أو كلها ، ولكن أقول ماذا فعلت الأمة وهى تغنى لأكثر من ثلاثة قرون على الأقل ، سقطت الخلافة الإسلامية ، وتفككت الدولة الإسلامية إلى دويلات صغيرة ، تناحرت هذه الدويلات حتى إنها عرضة لأن تقسم مرة أخرى ، وأصبح البأس بينهم شديد ، امتلأ الناس بالهم والغم ، فأين الغناء الذي يفرح القلوب ، متى نعود إلى كتاب الله فهو الحبل المتين ، و صراط الله المستقيم ، فرحة القلب ، ومذهب الهم والغم ، يا قومنا أجيبوا داعي الله .
يا من تجيبون داعي الله أقول لكم كما قال الله لنبيه
======
ابن عباس . والثاني : أنه الغناء والمزامير ، قاله مجاهد .
وقوله تعالى : { فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا (59) إِلَّا مَنْ تَابَ وَآَمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ شَيْئًا (60) جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدَ الرَّحْمَنُ عِبَادَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّهُ كَانَ وَعْدُهُ مَأْتِيًّا (61) لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا إِلَّا سَلَامًا وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيهَا بُكْرَةً وَعَشِيًّا (62)} سورة مريم
وقال ابن الجوزي : قوله تعالى : { واتَّبَعوا الشهوات }
 قال أبو سليمان الدمشقي : وذلك مثل استماع الغناء ، وشرب الخمر ، والزنا ، واللهو ، وما شاكل ذلك مما يقطع عن أداء فرائض الله عز وجل .
وقوله تعالى : { وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا (72)} سورة الفرقان
قال محمد بن الحنفية ومكحول ــ الزور ــ : هو وروى ليث عن مجاهد قال : لا يسمعون الغناء .
راجع زاد المسير وتفسير الطبري
وقال تعالى : { وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُوًا أُولَئِكَ لَهُمْ 
======
الألبانى عن نافع قال : " سمع ابن عمر مزمارا قال فوضع إصبعيه على أذنيه ونأى عن الطريق وقال لي يا نافع هل تسمع شيئا قال فقلت لا قال فرفع إصبعيه من أذنيه وقال كنت مع النبي rفسمع مثل
 هذا فصنع مثل هذا " .
وعند البخاري في الأدب المفرد بسند صححه سيخنا العلامة الألبانى من حديث بن عباس : { ومن الناس من يشتري لهو الحديث قال : الغناء وأشباهه
[ عن عبد الله بن مسعود سئل عن هذه الأية { ومن الناس من يشتري لهو الحديث } ] هو الغناء ؛ والذي لا إله إلا هو ! يرددها ثلاث مرات
الراوي: - المحدث: الألباني - المصدر: النصيحة - الصفحة أو الرقم: 181
خلاصة حكم المحدث: إسناده صحيح
.
أما ما رواه البخاري ومسلم من حديث عائشة رضي الله عنها : أن أبا بكر دخل عليها والنبي rعندها يوم فطر أو أضحى وعندها قينتان تغنيان بما تقاذفت الأنصار يوم بعاث فقال أبو بكر مزمار الشيطان مرتين فقال النبي r: { دعهما يا أبا بكر إن لكل قوم عيدا وإن عيدنا هذا اليوم
- أن أبا بكر دخل عليها ، والنبي صلى الله عليه وسلم عندها ، يوم فطر أو أضحى ، وعندها قينتان تغنيان بما تقاذفت الأنصار يوم بعاث ، فقال أبو بكر : مزمار الشيطان ؟ مرتين ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( دعهما يا أبا بكر ، إن لكل قوم عيدا ، وإن عيدنا اليوم ) .
الراوي: عائشة المحدث: البخاري - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 3931
خلاصة حكم المحدث: [صحيح]
.
فقال شيخ الإسلام ابن تيمية : ففي هذا الحديث بيان : أن هذا لم يكن من عادة النبي r وأصحابه الاجتماع عليه ولهذا سماه الصديق مزمار الشيطان والنبي صلى الله عليه وسلم أقر الجواري عليه معللا ذلك بأنه يوم عيد والصغار يرخص لهم في اللعب في الأعياد كما جاء في الحديث { ليعلم المشركون أن في ديننا فسحة }
=====
استماع الأبيات الملحنة مع ضرب بالكف أو ضرب بالقضيب أو الدف . كما لم يبح لأحد أن يخرج عن متابعته وأتباع ما جاء به من الكتاب والحكمة لا في باطن الأمر ولا في ظاهره ولا لعامي ولا لخاصي ولكن رخص النبي rفي أنواع من اللهو في العرس ونحوه كما رخص للنساء أن يضربن بالدف في الأعراس والأفراح . وأما الرجال على عهده فلم يكن أحد منهم يضرب بدف ولا يصفق بكف بل قد ثبت عنه في الصحيح أنه قال : { التصفيق للنساء والتسبيح للرجال 
} { ولعن المتشبهات من النساء بالرجال ، والمتشبهين من الرجال
  التسبيح للرجال ، و التصفيق للنساء
الراوي: جابر بن عبدالله المحدث: الألباني - المصدر: صحيح الجامع - الصفحة أو الرقم: 3015
خلاصة حكم المحدث: صحيح
بالنساء } . ولما كان الغناء والضرب بالدف والكف من عمل النساء كان السلف يسمون من يفعل ذلك من الرجال مخنثا ويسمون الرجال المغنين مخانيث وهذا مشهور في كلامهم . راجع مجموع الفتاوى
ولهذا فقد ثبت في الترغيب والترهيب بسند حسنه شيخنا العلامة الألبانى من حديث أنس بن مالك tقال : قال رسول الله r: { صوتان ملعونان في الدنيا والآخرة
مزمار عند نعمة ورنة
 - صوتان ملعونان في الدنيا والآخرة : مزمار عند نعمة ، ورنة عند مصيبة .
الراوي: أنس بن مالك المحدث: الألباني - المصدر: صحيح الترغيب - الصفحة أو الرقم: 3527
خلاصة حكم المحدث: حسن
 عند مصيبة { .
=========
العشب الماء. ولعمري لتوقي ذلك بترك حضور المواطن في قلبه.
وقال الفضيل بن عياض: الغناء رقية الزنا. وقال الضحاك: الغناء مفسدة للقلب، ومسخطة للرب.
وقال يزيد بن الوليد: يا بني أمية ، إياكم والغناء ،     فإنه يزيد الشهوة ،  
ويهدم المروءة
 وإنه لينوب عن الخمر، ويفعل ما يفعله السكرة.
وقال الإمام أحمد رحمه الله : الغناء ينبت النفاق في القلب. وسئل عن استماع القصائد، فقال: أكرهه، هو بدعة، ولا يجالسون. وقال: التغبير بدعة محدثة، وقال إسحق بن عيسى: سألت مالك بن أنس عما يترخص فيه أهل المدينة في الغناء، فقال: إنما يفعله عندنا الفساق .
وقال الطبري رحمه الله : أمَّا مالك فإنه نهى عن الغناء، وعن استماعه، وقال إذا اشترى الرجل جارية، فوجدها مغنية كان له ردها بالعيب.
وكان أبو حنيفة رضي الله عنه يكره الغناء، ويجعل سماع الغناء من الذنوب . وكذلك مذهب سائر أهل الكوفة، مثل: إبراهيم النخعي ، والشعبي ، وحماد 
=====
وأملأ قلوبنا بحبك وحبّ نبيك وحبّ عبادك الصالحين
واجعل القرآن العظيم ربيع قلوبنا ونور صدورنا وذهاب همومنا وغمومنا
اللهم آمـــــــــــين
وكتبه العبد الفقير إلى ربه الغنى
أبو البراء الأحمدى
غفر الله له ولوالديه ولمشائخه والمسلمين